بل إنّ البعض قال بوجود الجسم المثالي في جسم كلّ إنسان ، وإنّه ينفصل عنه في بداية الحياة البرزخية ، ويمكن أن يقع ذلك كما قلنا في هذه الدنيا.
وإذا رفضنا جميع هذه الصفات للجسم المثالي ، فلا يمكن نفي الموضوع أصلا ، بسبب إشارة أحاديث عديدة إليه ، ولانعدام المانع العقلي منه.
وبهذا يتّضح جواب الاعتراض القائل بأنّ الإعتقاد بالجسم المثالي يستوجب الإعتقاد بالتناسخ ، الذي يعني انتقال الروح من جسم إلى آخر.
لقد ردّ الشيخ البهائي هذا الإحتجاج بوضوح ، فقال : إنّ التناسخ الذي يرى بطلانه جميع المسلمين ، هو عودة الروح بعد تفسّخ الجسم الذي كانت فيه إلى جسم آخر في هذه الدنيا.
أمّا اختصاص الروح بالجسم المثالي في عالم البرزخ حتّى يوم القيامة ، ثمّ عودتها إلى الجسم الأوّل بأمر من الله تعالى لا علاقة له بالتناسخ ، والسبب أنّنا ننفي التناسخ بشدّة ونكفّر الذي يعتقد به ، هو قولهم بأزليّة الأرواح وانتقالها الدائمي من جسم إلى آخر ، وإنكارهم المعاد الجسماني في عالم الآخرة (١).
والقول بوجود الجسم المثالي في باطن الجسم المادّي يجلي الجواب عن هذا الإشكال ، إذ لا تنتقل الروح من جسم إلى آخر ، بل تترك بعض قوالبها ، وتستمرّ في قالب آخر في حياتها البرزخية.
والسؤال الآخر هو أنّه يفهم من آيات قرآنية أن لا حياة برزخية لمجموعة من الناس ، كما جاء في الآية الخامسة والخمسين والسادسة والخمسين من سورة الروم! (يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ ، وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ
__________________
أكثر من الروآيات ، ويمكن أن تكون للنفوس القوية السامية عدة أجسام مثالية ، وبهذا تفسر الأحاديث القائلة بحضور الأئمة الميامين لدى المحتضرين حين نزعهم الأخير. (بحار الأنوار ، المجلد السادس ، صفحة ٢٦١).
(١) بحار الأنوار ، المجلد السادس ، صفحة ٢٧٧.