وخطئه ، فابتلاه الله بمرض غامض خفي جعله ما دام حيّا لا يمكن لأحد أن يمسّه ، وإذا مسّه فسيبتلى بالمرض. أو أنّ السامري قد ابتلي بمرض نفسي ووسواس شديد ، والخوف من كلّ إنسان ، إذ كان بمجرّد أن يقترب منه أي إنسان يصرخ (لا تمسّني) (١).
والعقاب الثّاني : إنّ موسى عليهالسلام قد أسمعه وأعلمه بجزائه في القيامة فقال : (وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ) (٢).
والثالث : (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً).
وهنا يأتي سؤالان :
الأوّل : إنّ جملة (لَنُحَرِّقَنَّهُ) تدلّ على أنّ العجل كان جسما قابلا للاشتعال ، وهذا يؤيّد عقيدة من يقولون : إنّ العجل لم يكن ذهبيّا ، بل تبدّل إلى موجود حي بسبب تراب قدم جبرئيل.
ونقول في الجواب : إنّ ظاهر جملة (جَسَداً لَهُ خُوارٌ) هو أنّ العجل كان جسدا لا روح فيه ، كان يخرج منه صوت يشبه خوار العجل ، بالطريقة التي قلناها سابقا. أمّا مسألة الإحراق فمن الممكن أن تكون لأحد سببين :
أحدهما : إنّ هذا التمثال لم يكن ذهبيّا خالصا ، بل يحتمل أن يكون من الخشب ، ثمّ إلي بالذهب.
والآخر : إنّه على فرض أنّه كان من الذهب فقط ، فإنّ إحراقه كان للتحقير والإهانة وتعرية شكله الظاهري وإسقاطه ، كما تكرّر هذا الأمر في تماثيل الملوك
__________________
(١) تفسير القرطبي ، الجزء ٦ ، ص ٤٢٨١.
(٢) (لن تخلفه) فعل مبني للمجهول نائب فاعله السامري ، وضميره مفعول ثان ، وفاعل الفعل في الأصل هو الله ، ومعنى الجملة في الجملة : إنّ لك موعدا لا يخلفه الله لك.