لا شكّ أنّ مدّة توقّف هؤلاء كانت طويلة ، إلّا أنّها تبدو قصيرة جدّا في مقابل عمر القيامة. وإنّ تخافتهم هذا بالكلام إمّا هو للرعب والخوف الشديد الذي ينتابهم عند مشاهدة أهوال القيامة ، أو أنّه نتيجة شدّة ضعفهم وعجزهم.
واحتمل بعض المفسّرين أن تكون هذه الجملة إشارة إلى مكثهم في الدنيا ، والذي يعدّ أيّاما قلائل بالنسبة للآخرة وحوادثها المخفية.
ثمّ يضيف : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ) سواء تكلّموا بهمس أم بصراخ ، وبصوت خفي أم عال (إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً).
ومن المسلّم به أنّه : لا العشر مدّة طويلة ، ولا اليوم كذلك ، إلّا أنّ هناك تفاوتا بينهما ، وهو أنّ اليوم الواحد إشارة إلى أقل أعداد الآحاد ، والعشرة إشارة إلى أقلّ أعداد العشرات ، ولذلك فإنّ الأوّل يشير إلى مدّة أقل ، ولذلك عبّر القرآن عمّن قال به بـ (أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً) لأنّ قصر عمر الدنيا أو البرزخ في مقابل عمر الآخرة ، وكذلك كون كيفيتهما وحالهما لا شيء أمام كيفيّة وحال الآخرة ، ويكون أنسب مع أقل الأعداد. (فلاحظوا بدقّة).
* * *
__________________
جاءت هنا بصيغة المذكّر ، فإنّ المضاف إليه هو (ليال) والذي يجب أن يكون مؤنثا حتما ، أمّا لو كان المضاف إليه (أيّام) فكان يجب أن يقال : عشرة. إلّا أنّ بعض أدباء العرب نقل بأنّ العدد إذا ذكر مطلقا وحذف تمييزه فلا تجري القاعدة السابقة ، وبناء على هذا فإنّ (عشرا) هنا إشارة إلى عشرة أيّام.