وفى مسند الدارمى أنه كان أيام الحرة لم يؤذن فى مسجد النبى صلىاللهعليهوسلم ثلاثا ولم يقم ولم يبرح سعيد بن المسيب المسجد وكان لا يعرف وقت الصلاة إلا بهمهمة يسمعها من قبر النبى صلىاللهعليهوسلم.
وعن أم الدرداء قالت (ق ٢٣٧) : رحل عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه من فتح بيت المقدس فصار إلى الجابية فاستأذنه بلال أن يقره بالشام ففعل ذلك. فقال وأخى أبو رويحة يعنى عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمى الذى آخى بينى وبينه رسول الله فنزل داريا فى خولان فأقبل هو وأخوه إلى قوم من خولان فقال لهم قد اتيناكم خاطبين وقد كنا كافرين فهدانا الله تعالى فإن تزوجونا فالحمد لله تعالى وإن تردونا فلا حول ولا قوة إلا بالله فزوجوهما.
ثم إن بلالا رأى فى منامه النبى صلىاللهعليهوسلم وهو يقول ما هذه الجفوة يا بلال ما آن لك أن تزورنى يا بلال فانتبه حزينا وجلا خائفا فركب راحلته وقصد المدينة ، فأتى قبر النبى صلىاللهعليهوسلم فجعل يضمها ويقبلها فقالا له يا بلال نشتهى نسمع أذانك الذى كنت تؤذن لرسول الله (ق ٢٣٨) صلىاللهعليهوسلم فى المسجد فعلا سطح المسجد فوقف موقفه الذى كان يقف فيه ، فلما قال الله أكبر الله أكبر ارتجت المدينة ، فلما قال أشهد أن لا إله إلا الله ازدادت رجتها فلما قال أشهد أن محمدا رسول الله خرجت العواتق من خدورهن وقالوا بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فما رؤى يوم أكثر باكيا ولا باكية بالمدينة بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم من ذلك اليوم. ذكره ابن عساكر فى ترجمة بلال.
وليس الاعتماد فى الاستدلال بهذا الحديث على رؤيا المنام فقط بل على فعل بلال وهو صحابى لا سيما فى خلافة عمر رضى الله تعالى عنه والصحابة متوافرون ولا تخفى عنهم هذه القصة فسفر بلال فى زمن صدر الصحابة لم يكن إلا للزيارة والسلام على النبى صلىاللهعليهوسلم.
وكذلك إيراد عمر بن عبد العزيز البريد من الشام فى زمن صدر التابعين فلا يقل من لا علم له إن السفر لمجرد الزيارة ليس بسنة.