وغيره من صلحاء اليمن إذا جاءوها للتبرك إنما يقصدون الكبرى ، والحديقة التى فيها وقف على الفقراء والمساكين والواردين والصادرين لزيارة سيد المرسلين أوقفها الشيخ عزيز (ق ٥٠) الدولة ، وريحان البدى الشهابى شيخ خدام الحرم الشريف قبل وفاته بيومين أو ثلاثة ، وكانت وفاته سنة سبع وتسعين وستمائة.
السادسة : بئر رومة ، قال منتخب الدين أبو الفتح العجلى (١) : لما قدم المهاجرون المدينة الشريفة استنكروا الماء لملوحته وكان لرجل من بنى غفار عين يقال لها بئر رومة يبيع منها القربة بمد من الطعام فقال له النبى صلىاللهعليهوسلم بعنيها بعين من الجنة فقال ليس لى غيرها فبلغ عثمان رضى الله عنه فاشتراها بخمسة آلاف درهم ثم أتى النبى صلىاللهعليهوسلم فقال يا رسول الله أتجعل لى مثل الذى جعلت له فقال : نعم.
قال الشيخ وهذه البئر فى العقيق الأصغر وفى العقيق الأكبر بئر عروه كما قدمنا.
وعن موسى بن طلحة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «نعم الحفيرة حفيرة المزنى» يعنى رومة فلما سمع بذلك عثمان رضى الله عنه ابتاع نصفها بمائة بكرة وتصدق بها فجعل الناس يستقون منها ، فلما رأى صاحبها أن قد امتنع منه ما كان يصيب عليها بشىء باع من عثمان رضى الله عنه النصف الباقى بيسير فتصدق بها كلها.
وذكر ابن عبد البر أن بئر رومة (ق ٥١) كانت ركية لليهودى يبيع من مائها للمسلمين فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من يشترى رومة فيجعلها للمسلمين يضرب بدلوه فى دلائهم وله بها مشربة فى الجنة» فأتى عثمان رضى الله عنه لليهودى فساومه بها فأبى أن يبيعها كلها فاشترى عثمان رضى الله عنه نصفها باثنى عشر الف درهم فجعلها للمسلمين. فقال عثمان رضى الله عنه ان شئت جعلت لنصيبى قرنين وإن شئت فلى
__________________
(١) هو أسعد بن محمود بن خلف الأصبهانى العجلى منتخب الدين أبو الفتح ، واعظ ، كان شيخ الشافعية بأصبهان والمعول عليه فيها الفتوى ، وكان زاهدا يأكل من كسب يده ، ينسخ الكتب ويبيعها ، وترك الوعظ وألف كتبا منها «آفات الوعاظ» و «مشكلات الوسيط الوجيز» فقه ولد سنة ٥١٥ ه ، ومات سنة ٦٠٠ ه.