هناك ، وأنّ الحالة الدينية فيما يبدو قد أصابها الضعف ، إذ كثر التعرّض للدعاة والوعّاظ مثل : رضّي الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن خليل العسقلاني (١). أحد العلماء الأجّلاء الذي نذر حياته للدعوة وإرشاد الناس إلى الحق ، وكان شديدا على أمير مكة المكرمة في كثير من المواقف التي أدّت فيما بعد إلى سجنه ، ولكن لم يلبث الأمير أن أطلقه من سجنه معتذرا إليه (٢).
ولم يقم ابن رشيد بتقديم المزيد من المعلومات عن الأحوال السياسية لمكة المكرمة أو المدينة المنورة ؛ ولكنه في ترجمته لشيخه أبي اليمن (٣) أشار إلى ما حدث خارج الحجاز وفي مصر خاصة من نزول الفرنسيين بدمياط عام ٦٤٧ ه / ١٢٤٩ م. وهو العام المعروف بعام دمياط (٤). وأيّد وقوع هذه الحادثة في تلك السنة مؤرّخو تلك الفترة (٥).
العبدريّ وبلاد الحجاز :
وصل العبدريّ مكة المكرمة سنة ٦٨٩ ه / ١٢٩٠ م ولم يشر إلى اسم أمير مكة المكرمة مع ملاحظة استمرار أبي نمي أميرا عليها ، وكان تابعا لسلاطين مصر بحسب الأموال والأعطيات المرسلة إليه ، ولكن متى انقطعت انقطعت بالتالي تبعّيته لهم لاعتباره هذا المال حقا له. بالإضافة إلى عدم استقرار الأوضاع الأمنية بمكة المكرمة ، ووقوع الفتن بين حجّاج الشام ومصر وأهل مكة المكرمة (٦). في خلال الموسم والتي أدّت إلى وقوع عدد كبير من الضحايا ، كما حدث في سنة ٦٨٩ ه / ١٢٩٠ م (٧).
__________________
(١) انظر ترجمته فيما بعد ، ص ٤٧٥.
(٢) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ٨٧ ، ٩٦ ، ١٣١.
(٣) أنظر ترجمته فيما بعد ، ص ٢٧٢ ـ ، ٢٧٣.
(٤) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٤٥ ، ٢١٨.
(٥) أبو الفدا : تاريخ أبو الفدا ، ج ٣ ، ص ١٧٨ ؛ الذهبي : دول الإسلام ، ج ٢ ، ص ١٢٥ ؛ ابن الوردي : تتمة المختصر ، ج ٢ ، ص ٢٦٣ ؛ المقريزي : الخطط المقريزية ، ج ٢ ، ص ٢٣٦ ؛ السيوطي : تاريخ الخلفاء ، ص ٤٢٨ ؛ ابن إياس : بدائع الزهور ، ج ١ ، ص ج ١ ، ص ٢٧٧.
(٦) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١١١ ـ ١٨٧.
(٧) الفاسي : شفاء الغرام ، ج ٢ ، ص ٣٨٤ ـ ٣٨٥ ؛ ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٣ ، ص ١٢٠ ؛ الجزيري : الدرر الفرائد ، ج ١ ، ص ٦٠٩.