وقد أكدت المصادر هذه الحادثة إذ أثبتت ولاية المبارز علي بن الحسين ابن برطاس من قبل المظفر بن المنصور صاحب اليمن ، إذ جهزه على رأس جيش كبير ومائتي فارس وسيره إلى مكة المكرمة فالتقى مع الشريف أبى نمي وإدريس في معركة كان الظفر فيها لابن برطاس الذي أحكم سيطرته على مقاليد السلطة بمكة المكرمة سنة ٦٥٣ ه / ١٢٥٥ م ثم لم تلبث أن وقعت الحرب مّرة أخرى بين الشريف وابن برطاس فتمكّن الشريف من أسر عّدوه ، ولكنه استطاع افتداء نفسه وترك مكة بمن معه (١).
أما ما كان من أمر أبي نمي وعمه إدريس وقتل ابن أبي نمي زيدا ، فقد أشارت المصادر في حوادث سنة ٦٦٩ ه / ١٢٧٠ م قتل أبي نمي لعّمه إدريس عقب خروجه من مكة المكرمة بأربعين يوما بعد انفراده بالإمرة (٢).
أمّا عن سيرة أبي نمي وسنة وفاته التي ذكرها التجيبي ، فقد أجمعت عليها المصادر التي أرّخت لوفاته وكانت سنة ٧٠١ ه / ١٢٠١ م (٣).
ومما سبق نلاحظ انفراد التجيبي بايراده لبعض الأحداث دون غيره من المصادر. منها ذكره لاسم صاحب ينبع الذي استنجد به الشريف ، واسم العبد الذي كان لأبيه ، وما أعطاه له من أموال ساعدته على استرداد إمارة مكة وغيرها من الأمور. ولعل ذلك راجع إلى قرب التجيبي من الأحداث أو أنّه سمعها ممّن عاصر تلك الوقائع فدونها عنه بأدق تفاصيلها بشكل لم يرد لدى غيره من الكتاب.
__________________
(١) الخزرجي : العقود اللؤلؤية ، ج ١ ، ص ١١٢ ؛ ابن ظهيرة : الجامع اللطيف ، ص ١٩٥ ؛ العصامي : سمط النجوم ، ج ٤ ، ص ٢٢١ ؛ الجزيري : الدرر الفرائد ، ج ١ ، ص ٥٩٩. وذكر الجزيري أن أبا نمي طعن عمه يحيى ، وهذا خطأ منه فهو إدريس وليس يحيى.
(٢) الخزرجي : العقود اللؤلؤية ، ص ١٥٩ ؛ ابن ظهيرة : الجامع اللطيف ؛ العصامي : سمط النجوم ، ج ٤ ، ص ٢٢٣ ؛ الجزيري : الدرر الفرائد ، ج ١ ، ص ٦٠٣.
(٣) الفاسي : العقد الثمين ، ج ١ ، ص ٤٧٠ ـ ٤٧١ ؛ ابن تغري بردي : الدليل الشافي ، ج ٢ ، ص ٦١٢ ؛ عز الدين ابن فهد : غاية المرام ، ج ٢ ، ص ٣٨ ـ ٣٩.