معلوم (١) ولا نتبين حالة تبوك من وصف ابن بطوطة. وإن كنا نميل إلى استقرار أوضاعها ؛ غير أن البلوى أشار إلى خرابها وعبر عن ذلك بقوله «هي اليوم خراب» بالرغم من وجود الماء وبعض النخيل (٢) ، ولا نعلم سبب خرابها لا سيما وأن ما بين ابن بطوطة والبلوي فترة قصيرة.
العلا :
بينها وبين تبوك ثمانية أيام ، والطريق إليها شاق موحش عديم الماء إلا من بئر بوادي الأخيضر لا يسد رمق الركب المار بها. حتى إن ابن بطوطة وصف وادي الأخيضر بوادي جهنم ونقل نقشا على أحد صخور الوادى يفيد «أنه أصاب الحجاج به في بعض السنين مشقة بسبب ريح السموم التي تهب فانتشفت المياه وانتهت شربة الماء إلى ألف دينار ومات مشتريها وبائعها» ، وأشار أيضا إلى وجود بركة المعظم. ووصفها بالضخامة ونسب بناءها للملك المعظم (٣) أحد أولاد أيوب وبها يتجمع ماء المطر ولكنه يجف عند اشتداد الحر.
كما شاهد ابن رشيد بعض أراض منبسطة مليئة بالحصى الأبيض الشبيه بالبلور وحصى أحمر وأسود.
وبالعلا ماء أحساء كثير يجري بين الرمال فأتاح لأهلها زراعة النخيل وبعض المزروعات الأخرى فأصبحت قرية كبيرة جميلة المنظر انتشرت فيها العديد من الدور. وقد أقيم بها حصن واشتهر أهلها بفضلهم وأمانتهم مما دفع الكثير من الحجاج إلى ترك الفائض عن حاجتهم من الأزواد بها إلى حين قفولهم من الحج. وهي أيضا سوق كبير حيث يقصده تجار الشام النصارى للبيع والشراء مع الحجاج (٤).
__________________
(١) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١١٢.
(٢) البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٧٨.
(٣) أمر ببنائها الملك المعظم عيسى بن العادل الذى ولد بالقاهرة سنة ٥٧٦ ه / ١١٨٠ م وتوفي سنة ٦٢٤ ه / ١٢٢٦ م وله مآثر عظيمة. انظر الحنبلي : شفاء القلوب ، ص ٢٧٦ ـ ٢٨٤ ؛ الجزيري : الدرر الفرائد ، ج ٢ ، ص ١٢٦٢.
(٤) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١١ ـ ١٢ ، ١٥ ـ ١٦ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٢ ـ ١٣ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٧٨.