حجر ثمود (١) :
تعرف اليوم بمدائن صالح. تبعد عن العلا مسافة نصف يوم تقريبا ، وبينها وبين تبوك خمسة أيام. تحدث عنها ابن رشيد وابن بطوطة والبلوي وكل منهم تناول جانبا أسهب في وصفه ؛ فمما عجب له ابن رشيد والبلوي دورها المنحوتة في الجبال بإتقان شديد (٢) ، يبدو أغلبها وكأنه نحت حديثا وبعضها أصابه الضرر بسبب نفوذ ماء المطر إليه.
أما أرض الحجر فهي رملية واسعة تحيط بها الجبال ، ينفذ إليها بواسطة مدخل ضيق يشكل جانباه مصرعا وبابا عاليا لها وفي وسط أرض الحجر جبال صغيرة يميل لونها إلى الإحمرار وهي التي قاموا بنحتها ونقشها وحفر الغرف بداخلها وعمل أبوابها. وقد شاهد ابن رشيد في بعض دورها عظاما قال عنها «إن ظاهر أحوالهم أن خلقهم كانت كخلقنا إذ أبواب بيوتهم وزواياها على مقادير أبوابنا المعتادة في الارتفاع» ، فنرى ابن رشيد هنا ينقل الوصف ويدلي برأيه خارجا من تفحصه وتحليله بنتيجة أحوالهم.
وقد سمى ابن بطوطة ديار ثمود ببئر الحجر أو حجر ثمود ، وأشار إلى كثرة الماء بها ولكن يمتنع أفراد الركب عن تناوله مع شدة عطشهم اقتداء بالرسول صلىاللهعليهوسلم (٣). وحدد مكان مبرك ناقة صالح عليهالسلام بأنه بين جبلين بجانبه أثر مسجد يصلي الناس فيه. بينما شاهد البلوي بئر الناقة وسمى موضعه مبرك الناقة (٤).
__________________
(١) وقد امتد نفوذ قوم ثمود وسلطانهم الأول على معظم البلاد العربية وبالنسبة لحدودهم الجغرافية قبل نزول العذاب وهلاكهم كانت تمتد من ساحل ايلات بفلسطين حتى ساحل البحر الأحمر المقابل لموانىء الحبشة وتربوا مدنهم على الثلاثين مدينة منها مدينة الحجر. انظر محمد عبد الحميد مرداد : مدائن صالح ، ص ٤٠ ـ ١٠٠ ؛ القثامي : الآثار في شمال الحجاز ، ج ١ ، ص ١٤٥ ـ ١٥٠.
(٢) انظر الرسم رقم ٥.
(٣) أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم بعدم الشرب والوضوء من مائها وإطعام الإبل العجين الذي استخدم ماؤه في عجنه. انظر ابن هشام : السيرة النبوية ، ج ٤ ، ص ٥٢١.
(٤) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٤ ـ ١٥ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١١٢ ـ ١١٣ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٧٨.