أماكن الوضوء :
أشار العبدري إلى أمر الملك المنصور ببناء دار للوضوء عند باب السلام من ناحية الغرب فأقام دارا واسعة محكمة البناء أجرى إليها الماء وأوصله بالمنازل في حينه (١) وأكد ابن بطوطة والسمهودي ذلك حيث حدد الأخير تاريخ إنشائها بسنة ٦٨٦ ه / ١٢٨٧ م (٢).
ونخلص مما سبق إلى القول : إن المدينة المنورة كان عمرانها متقنا حسنا نستشف حسنها وترتيب بنائها من قول البلوي بأنها «طيبة الرائحة متسعة الأرجاء مشرقة الأنحاء طيبة الهواء كثيرة النخيل والماء ممتدة التخطيط والاستواء حسنة الترتيب والبناء» (٣).
فيبدو أن المدينة المنورة كانت أحسن حالا من مكة المكرمة بدليل مشاهدات الرحالة المغاربة والأندلسيين من عمران تمثل في البناء المحكم على الآبار والعيون والسقايات وأماكن الوضوء. وأغلب الظن أن المدينة المنورة نعمت باستقرار سياسي نسبي نظرا لوفرة الماء بها فقد ازدهرت بالزراعة وخاصة النخيل ، كما نشطت حركة البناء والتعمير خاصة وأن أمراء المدينة المنورة أقل تأثرا بأمراء وملوك المسلمين المحيطين بهم ، فهم على الغالب تربطهم بهم روابط جيدة بدليل إنشاء وتعمير أمراء وملوك المسلمين أماكن بها وخاصة إعادة بناء المسجد النبوي بعد حريقه.
ولا يعني هذا أن المدينة المنورة لم تمر بها أوضاع سياسية عصيبة ؛ بل
__________________
(١) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ٢١٨.
(٢) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١١٨ ـ ١١٩ ؛ السمهودي : وفاء الوفا ، ج ٢ ، ص ٧٠٤.
(٣) البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٩٠.