وكما كان للمؤرخين وجهة نظر في هذه الرحلة ، فقد حفلت كتابات المؤلفين المحدثين أيضا بالعديد من الآراء حولها. فمن ذلك ما أورده كراتشكوفسكي KRACHOVSKI من آراء : منها المعارض في حدوثها أصلا ، ومنها المؤيد لحدوثها. فمن المعترضين اشبرنجرSPRENGER الذي اعتبرها عام ١٢٨١ ه / ١٨٦٤ ه أنها تضليل مقصود. وايده في موقفه غريفوريف GRIGORIEV وميتورسكى MINORSKY فيما بعد ١٣٥٦ ه / ١٩٣٧ م. وأضاف الأخير أنها مجموعة حكايات خرافية انتثرت فيها بضع أسماء جغرافية.
أما من أيد حدوثها فهودي خويه DEGEJE عام ١٣٠٦ ه / ١٨٨٨ م وتوماشك TOMASCHEK (١). ولا يستبعد أن يكون السبب الحقيقي للرحلة ليس الحلم كما زعم الرواة وإنما اتخذ الحلم ذريعة لغرض سياسي دل عليه اهتمام ملوك وأمراء تلك المناطق بكتب التوصية التي كان يحملها سلام من قبل الخليفة لتسهيل مهمته (٢). والتي دلت على مدى اتساع سلطة الخليفة.
ولا شك أن وجود السد حقيقة مسلم بها لورود ذكره بالقرآن الكريم سواء وصل سلام فعلا إلى السد أم لم يصل ، فالذى يعنينا هنا اهتمام خلفاء المسلمين بأمر الرحلات لاكتشاف المناطق المجهولة من العالم ؛ وخاصة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم ، وصرف الأموال اللازمة في سبيل المعرفة.
كما أن قيام مثل هذه الرحلات يدل على ارتفاع شأن الخليفة العباسي ، واتساع سلطته وهيمنته على الأماكن التي مر بها سلام وتعاون الملوك والأمراء على تسهيل مهمته.
وهناك نوع آخر من الرحلات تم تحت رعاية الخلفاء. وهي رحلات البعوث ، ومنها رحلة ابن فضلان (٣).
__________________
(١) كراتشكوفسكي : تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ج ١ ، ص ١٤١.
(٢) على محسن عيسى مال الله : أدب الرحلة عند العرب في المشرق ، ص ٣١.
(٣) أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حماد مولى محمد بن سليمان رسول المقتدر بالله إلى مالك الصقالبة ، انظر ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ١ ، ص ٤٨٦.