«وكان خروج هذه البعثة من بغداد يوم الخميس إحدى عشر من شهر صفر / واحد وعشرين حزيران سنة ٣٠٩ ه / ٩٢١ م ووصلت إلى بلغار في ثمانية عشر محرم / أثنا عشر أيار سنة ٣١٠ ه / ٩٢٢ م» (١).
ومنذ خروج الرحلة نجد أن ابن فضلان كان يسجل انطباعاته ومشاهداته ساعة بساعة ، في أسلوب سهل مفهوم تطرق فيها إلى الأحوال السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية. ولم يقتصر وصفه على مملكة الصقالبة ؛ بل تعداه إلى جميع ما مر به. فمن ذلك وصفه لأهل خوارزم (٢) حيث وصفهم بأنهم أوحش الناس كلاما ، وشبهه بنقيق الضفادع. واستنكر تبرأهم من علي ابن أبي طالب مع ملاحظته لظاهرة النقود المزيفة فيها (٣).
وقد صادف وقت رحلة ابن فضلان فصل الشتاء في تلك الأماكن. حيث أشار إلى ما تميزت به من برودة شديدة وريح قوية. بالإضافة إلى تجمد الأنهار ومنها نهر جيحون (٤). وقيام أهل خوارزم بالحفر فيه لاستخراج حاجتهم من الماء (٥).
__________________
(١) ابن فضلان : رحلة ابن فضلان ، ص ٢٥ ؛ ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ١ ، ص ٤٨٦ ؛ عبد الرحمن حميدة : أعلام الجغرافيين العرب ، ص ٢٠٠ ؛ علي محسن مال الله : أدب الرحلة عند العرب في المشرق ، ص ٨٤ ؛ زكي محمد حسن : الرحالة المسلمون في العصور الوسطي ، ص ٢٧ ؛ أحمد رمضان أحمد : الرحلة والرحالة المسلمون ، ص ٤٥.
(٢) (خوارزم) اسم للناحية بجملتها وقصبتها جرجانية وهي ولاية عامرة تميزت بشتاء شديد البرودة يؤدى إلى تجمد نهر جيحون وصف أهلها بعدم اهتمامهم بالنظافة وابنيتها مشيدة من الخشب واللبن ومن صفات أهلها الجسمية الطول والضخامة وعرض الرأس وإتساع الجبهة مدحهم ياقوت بالذكاء والعلم والغنى ورخاء المعيشة. انظر ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ٢ ، ص ٣٩٥ ـ ٣٩٨.
(٣) كان رئيس البعثة سوسن الرسى مولى نذير الحرمي بالإضافة إلى أعضاء أخرين منهم تكين التركي ويبدو من اسمه أنه كان دليلهم في أرض الترك لمعرفته باللسان التركي ومعهم أيضا بارس الصقلاب ويبدو أن أصله من بلاد الصقالبة أما من أوصل رسالة ملك الصقالبة إلى المقتدر بالله فهو عبد الله ابن باشتو الخزرجي. أنظر ابن فضلان : رحلة ابن فضلان ، ص ٦٧ ـ ٦٨ ، ٨٢.
(٤) (جيحون) أصل الاسم بالفارسية هرون وهو اسم وادي خراسان الواقع في وسط مدينة جيهان فنسب إليها وقيل جيجون وينبع من ريوساران جبل بناحية السند والهند وكابل. انظر ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ٢ ، ص ١٩٦ ـ ١٩٧.
(٥) ابن فضلان : رحلة ابن فضلان ، ص ٨٣ ـ ٨٥.