بصحبتي في الظّاهر غاية السرور ، والله يعلم خافية الأعين وما تخفي الصدور) (١) ، فوصلت معه إلى الأسعديّة والناصرية ، وهما بسفح جبل قاسيون من الصّالحيّة (٢) ، ثم أرسلت معه إلى قرية دمّر (٣) [٣ ب] جماعة من الرفاق مع الأحمال ، وعنّ لي الرجوع إلى الديار لقضاء مآرب وأشغال ، وأنشد لسان الحال فقال : [من الطويل]
أقول لصحبي حين ساروا ، ترفّقوا |
|
لعلّي أرى من بالجناب الممنع |
وألثم أرضا ينبت العزّ تربها |
|
وأسقي ثراها من سحائب أدمعي |
وينظر طرفي أين أترك مهجتي |
|
فقد أقسمت أن لا تسير غدا معي |
وما أنا إن خلّفتها متأسف |
|
عليها وقد حلّت بأكرم موضع |
ولكن أخاف العمر في البين ينقضي |
|
على ما أرى والشمل غير مجمّع |
وأرجو إلهي أن يمنّ بجمعنا |
|
قريبا بخير فهو أكرم من دعي (٤) |
فوصلت إلى الدّار آخر ذلك النهار ، والشمس كحبيب يودّع (٥) حبيبه ، وقد عراه
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من (ع).
(٢) الصالحية : كانت قرية كبيرة من غوطة دمشق ، واليوم أحد أحياء دمشق وأكثر أهلها مهاجرون من بيت المقدس. انظر : معجم البلدان ٣ : ٣٩٠ ، لطف السمر ١ : ١٩ ، صبح الأعشى ٤ : ٩٤.
(٣) دمّر : عقبة دمّر مشرفة على غوطة دمشق ، وتقع على بعد ٤ كم غرب مدينة دمشق ، وهي من جهة الشمال في طريق بعلبك. (معجم البلدان ٢ : ٤٦٣ ، المعجم الجغرافي للقطر العربي السوري ٣ : ٣٥٠).
(٤) الأبيات الأربعة الأولى في تاج المفرق ١ : ١٤٥ بلا عزو.
(٥) وردت في (ع): «تودع».