وما زلنا بذلك نجتلي أنوار المحاضرة ، ونجتني نوّار المذاكرة ، ونلتقط نثير (١) لآلىء الفوائد ، وننظم عقود المقاطيع والقصائد ، ونرد من العلوم أجلّ المصادر وأعذب الموارد ، ونوالي أهل الولا ، ونختص بذوي السؤود والعلا ، ويتردد إلينا للانتفاع جماعة من الفضلاء ، ولنشير إلى ذكر جماعة أيضا ممن اجتمعنا به أو اجتمع علينا في مدينة قسطنطينيّة أم الممالك الرّوميّة وتخت سلطنة الممالك الإسلاميّة ، وكذلك في الرحلة الأزنكميدية.
فأولهم وأولاهم ، وأعلمهم وأعلاهم ، الشيخ الأوحد ، والإمام الأمجد [١٣٩ ب] المعروف بحاجي جلبي (عبد الرحيم بن علي) (٢) ابن المؤيد. وقد قدّمنا بعض ترجمته وذكر محبته وأخوّته ومودّته ، وقد حصل لي منه قبول تام ، وكنت عنده بمقام سام ، يسمّني بالعالم المدقّق ، والعارف المحقّق ، وقد استفدت منه واستفاد منّي ، وأخذت عنه وأخذ عنّي ، واستجزته لولدي أحمد ولمن سيحدّث لي من الأولاد ، ويوجد على مذهب من يرى ذلك ، ويسلك هذه المسالك. فممّا أخذ عنّي مؤلّفي المسمّى ب «الزّبدة في شرح البردة» ، و «تفسير آية الكرسي» ، وبحث وتحقيق أوضحته في معنى الكلام النفسي ، وقصيدتي القافيّة القافية ، التي هي ببعض مناقب شيخ الإسلام وافية ، وقصيدتي الخائية المعجمة ، وحل بعض طلاسم الكنوز المعظّمة ، وأنّ كتابه خلّاق عليم ، وحملها ينفع لدفع الطاعون ، وأنّه مجرّب كما رواه لنا الأئمة الواعون ، وأنشدته لنفسي [١٤٠ أ] : [من السريع]
من رام أن يبلغ أقصى المنى |
|
في الحشر مع تقصيره في القرب |
فليخلص الحب لمولى الورى |
|
والمصطفى فالمرء مع من أحب (٣) |
__________________
(١) سقطت هذه الكلمة من (ع).
(٢) سقط الاسم من الأصل ، وتقدّمت الإشارة إليه في مطلع الرحلة. وجلّ هذه الترجمة مثبت في الكواكب السائرة ٢ : ١٦٦.
(٣) البيتان في الكواكب السائرة ٢ : ١٦٦.