ضاقت فلمّا استحكمت حلقاتها |
|
فرجت وكان يظنها لا تفرج (١) |
فما راعني إلّا دخول البشير عليّ بقدومه ، ثم اجتلاء طلعته الشريفة مع تسليمه ، فتلاقينا بالتحية وتلافينا ، وبكينا حتى انكبينا ، ووالينا الحمد لله تعالى وأثنينا ، وكم من نعمة لله تعالى علينا ، فدنا الأنس ، وانشرحت النفس ، ونسخ باليوم ما وقع بالأمس ، وأخذنا نتفاوض مفاوضة الأصدقاء ، ونتحدّث عن أخبار ذلك السفر وآثار أولئك الرفقاء ، ولا تسل عن حسن هذا الاجتماع وأنس هذا اللقاء : [من الطويل]
حديث تخال الروح عند سماعه |
|
لما هزّ من أعطافه تترنح (٢) |
فكان بذلك لنوم عيني سبيل ، وعهدي بالنوم عهد طويل ، وهو في الحقيقة [١٣٩ أ] لم يفارقني بل هو في كل حالة مرافق ، وليس تألم القلب لمفارقته له وإنما هو لتألم الأجساد ، فإنه وإن نزح عن العين ما برح في الفؤاد ، فهو في الحقيقة لم يخرج عن شعار أجداده وهو السواد : [من الوافر]
حضرت فكنت في بصري مقيما |
|
وغبت فكنت في أقصى فؤادي |
وما شطّت بنا دار ولكن |
|
نقلت من السواد إلى السواد (٣) |
__________________
(١) البيتان لإبراهيم بن العباس الصولي وموجودة في : معجم الأدباء ١ : ٤٦ ، وفيات الأعيان ١ : ١٨٧ وهي أيضا مما ينسب للإمام الشافعي. انظر : ديوانه ص ٢٤.
(٢) البيت في تاج المفرق ٢ : ١١٦ وفيه : «من أعطافه تتقصف».
(٣) البيتان في تاج المفرق ١ : ٢٠٥ منسوبة لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر البغدادي الواعظ.