امرء بما عنده ينفق ، ورحم الله زهيرا (١) المهلبيّ ، فعن حالي عبّر بقوله : [من الطويل]
إلى كم جفوني بالدموع قريحة |
|
وحتام قلبي بالتفرّق خافق |
ففي كل يوم لي حنين مجدد |
|
وفي كل أرض لي حبيب مفارق |
ومن خلقي أني ألوف وأنه |
|
يطول التفاتي للذين أفارق |
وأقسم ما فارقت في الأرض موضعا |
|
ويذكر إلّا والدموع سوابق (٢) |
ولم أزل أسير ممتعا من شميم عرار نجد ، ومحملا أنفاس الصبا حقائب الوجد ، وقد أخذ مني البين أخذته ، وفلذ من فؤادي فلذته ، واستولت على قلبي كروب جمّة وخطوب مدلهمّة ، منها فراق الوالدة والأولاد والأهل ، وسلوكي من ذلك طريقا ليس بالهين ولا بالسهل ، ثم انفرادي صحبة من لا أثق به على نفسي بعد اجتماعي بأهل مودتي وأنسي ، وتبدّلي من أمن الإقامة بخوف السفر ، وبخشونة [٣٣ ب] عيش أهل البدو من رفاهية عيش أهل الحضر ، وتغرّبي في بلاد لم أعرفها ، وائتلافي مع وجوه لم آلفها ، فصرت في حالة دونها مفارقة الحياة لو لا ما أرتجيه من تدارك لطف الله ، فما أشبه تلك الحال بما تخيله الأمير (٣) حسام الدّين الحاجريّ الإربليّ (٤) ، حيث قال : [دو بيت]
لمّا نظر العذّال حالي بهتوا |
|
في الحال وقالوا لوم هذا عنت |
__________________
(١) سقط اسم الشاعر من (ع).
(٢) الأبيات في تاج المفرق ١ : ١٥٧.
(٣) وردت في (ع): «الإمام».
(٤) وردت في (م) و (ع): «الأربدي» ، وحسام الدّين هذا هو عيسى بن سنجر أبو الفضل ، انظر : وفيات الأعيان ٣ : ٥٠١ ـ ، وشذرات الذهب ٧ : ٢٧٢ ـ