وأكلت الدهور على محاسنها وشربت ، وتركت ساحتها كدار ميّة بالعلياء فالسند ، وغادرتها منفضة الفناء منقضة البناء ، كأن لم يكن بها سيد ولا سند ، ولم يغن بها (١) بالأمس أحد ، لم يبق منها غير رسومها الواهنة الواهية ، وأطلالها العالية البالية ، وأزقّتها الخالية الخاوية : [من الطويل]
طلول إذا دمعي شكا البين بينها |
|
شكا غير ذي نطق إلى غير ذي فهم (٢) |
(وقد تراجعت الآن في العمران والتحقت بصغار البلدان) (٣).
وجيحان (٤) بجيم بالفتح ثم ياء آخر الحروف بالسكون ، ثم حاء مهملة وآخره نون ، نهر معروف بالعظم ، زاخر الأمواج كالبحر الخضم (٥) ، يقارب في كبره نهر الفرات ، وماؤه لطيف عذب فرات ، يلتوي التواء الأرقم ، وينسحب انسحاب المخرم ، وينعطف انعطاف السوار بالمعصم : [من الطويل]
فجدوله في سرحة الماء منصل |
|
ولكنه في الجزع عطف سوار [٣٩ ب] |
وأمواجه أرداف غيد نواعم |
|
تلفّعن بالآصال ريط نضار (٦) |
__________________
(١) وردت في (ع): «ولم يضربها».
(٢) البيت في تاج المفرق ٢ : ١٧.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (م) و (ع).
(٤) جيحان : نهر مخرجه من بلاد الرّوم ويمر بالمصيصة حتى يصبّ بمدينة كفربيا من نواحي المصيصة.
انظر : معجم البلدان ٢ : ١٩٦.
(٥) وردت في (ع): «الخصم».
(٦) البيتان في معاهد التنصيص ٢ : ٩٥ منسوبة للخطيب أبي القاسم بن معاوية.