ظهر منك ، فبما ذا تغسل قلبك؟ فبقيت متفكرا ، فألهمت ، حتى قلت : بالغموم والأحزان فيما يقربني من الأنس بالله.
قال : وثنا ابن باكوية ، نا عبد الله بن محمّد بن جعفر ، نا إبراهيم بن إسحاق ، نا أحمد بن أبي الحواري ، قال : رأيت أبا سليمان حين أراد أن يلبي غشي عليه ، فلما أفاق قال : يا أحمد بلغني أنه إذا حجّ العبد من غير وجهه فلبى قيل له : لا لبّيك ولا سعديك حتى تطرح ما في يديك ، فما يؤمنّا أن يقال لنا مثل هذا ، ثم لبّى (١).
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، نا أحمد بن مروان ، نا أحمد بن علي المخرمي ، نا ابن أبي الحواري قال : كنت مع أبي سليمان حين أراد الإحرام ، فلم يلبث (٢) سرنا ميلا وأخذه كالغشية في المحمل ثم أفاق فقال : يا أحمد إنّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى موسى : مر ظلمة بني إسرائيل أن يقلّوا من ذكري ، فإنّي أذكر من ذكرني منهم باللعنة حتى يسكت ، ويحك يا أحمد بلغني انه من حجّ من غير حلّه ثم لبّى قال الله له : لا لبيك ولا سعديك حتى تردّ ما في يديك ، فما يؤمنّا أن يقال لنا ذلك؟
قال : ونا ابن مروان ، نا علي بن الحسن الأنطاكي ، نا ابن أبي الحواري قال : قال أبو سليمان (٣) : ينبغي للخوف أن يكون أغلب على الرجاء ، فإذا بلغ (٤) الرجاء على الخوف فسد القلب.
أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبي الأستاذ أبي القاسم (٥) ، قال : سمعت محمّد بن الحسين يقول : سمعت عبد الله بن محمّد الرازي يقول : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان قال : سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول : سمعت أبا سليمان يقول : من أحسن في نهاره كوفئ في ليله ، ومن أحسن في ليله كوفئ في نهاره ، ومن صدق في [ترك](٦) يده شهوة ذهب الله بها من قلبه ، والله تعالى أكرم من أن يعذّب قلبا بشهوة (٧) تركت له.
__________________
(١) الخبر في سير الأعلام ١٠ / ١٨٥ من طريق أحمد (بن أبي الحواري) وفي حلية الأولياء ٩ / ٢٦٣ ـ ٢٦٤ بسنده أحمد أيضا.
(٢) كذا بالأصل ، وفي م : «فلم يلب سرنا» ورجح محقق المطبوعة : «فلم يلبّ ، ثم سرنا».
(٣) في م : أبو سليم.
(٤) كذا ، وفي م : غلب.
(٥) الخبر في الرسالة القشيرية ص ٤١١ رقم ٣٥ وحلية الأولياء ٩ / ٢٥٥.
(٦) عن م والرسالة القشيرية ، سقطت من الأصل.
(٧) عن م والرسالة القشيرية وبالأصل : شهوة.