دخلت على أبي سليمان الداراني وهو يبكي فقلت له : يا شيخ ما لك تبكي؟ فقال لي : يا أحمد زجرت البارحة في منامي ، قلت : فما الذي حل بك؟ قال : بينا أنا غفوت في محرابي إذ وقفت عليّ جارية تفوق الدنيا حسنا ، وبيدها ورقة وهي تقول : أتنام يا شيخ؟ فقلت : من غلبته عيناه نام ، فقالت : كلا إنّ طالب الجنة لا ينام ، فقالت لي : أتقرأ؟ فأخذت الورقة من يدها ، فإذا فيها مكتوب :
لهت بك لذّة عن حسن عيش |
|
مع الخيرات في غرف الجنان |
تعيش مخلّدا لا موت فيها |
|
وتنعم في الجنان مع الحسان |
تيقّظ من منامك إن خيرا |
|
من النوم التهجد بالقرآن |
(١) أخبرنا أبو القاسم النسيب ، أنبأ رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا أحمد بن علي المخرمي ، نا أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت أبا سليمان الداراني يقول : أما يستحي أحدهم أن يلبس عباءة بثلاثة دراهم وفي قلبه شهوة بخمسة دراهم.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنبأ أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدّنيا ، حدّثني علي بن الحسن ، عن أحمد بن أبي الحواري (٢) قال : وسمعت أبا سليمان [يقول : أما يستحي أحدكم أن يلبس عباءة بثلاثة دراهم ، وفي قلبه شهوة بخمسة دراهم. قال : وسمعت أبا سليمان](٣) يقول : لا يجوز لأحد أن يظهر للناس الزهد والشهوات في قلبه ، فإذا لم يبق في قلبه من شهوات الدنيا شيء جاز أن يظهر للناس الزهد (٤) لأن العباء علم من أعلام الزهد ، فإذا زهد بقلبه وأظهر العباء كان مستوجبا (٥) لهما وإن ستر زهده بثوبين أبيضين ليدفع بهما أبصار الناس عنه كان أسلم لزهده.
أخبرنا أبو القاسم الواسطي ، أنا أبو بكر الخطيب ، أخبرني أبو محمّد الحسن بن أحمد
__________________
(١) قبله في م ، وقد سقط من الأصل ، ورد الخبر التالي نصه :
أخبرنا أبو القاسم الشحامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله [الحافظ] أنا الحسن بن محمد بن إسحاق نا أبو عثمان الخياط (في المطبوعة : الحافظ) نا ابن أبي الحواري قال : نا أبو سليمان في قول الله عزوجل (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً)[سورة الإنسان الآية ١٢] قال : عن الشهوات.
(٢) الخبر في البداية والنهاية بتحقيقنا ١٠ / ٢٨١.
(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م والبداية والنهاية.
(٤) من قوله : والشهوات إلى هنا سقط من م.
(٥) عن م وبالأصل : متوجبا.