سليمان أتسير إلى الزهد وتجد البرد ، أنا أسيح في هذه البرية منذ ثلاثين سنة ما انتفضت ولا ارتعدت يلبسني في البرد فيحا من محبته ، ويلبسني في الصيف مذاق برد محبته ومرّ.
وذكر أبو عبد الرّحمن السّلمي في كتاب : «محن المشايخ» : أن أبا سليمان الداراني أخرج من دمشق وقالوا (١) : إنه يزعم أنه يرى الملائكة ويكلّمونه ، فخرج إلى بعض الثغور فرأى بعض أهل دمشق (٢) أنه لم يرجع إليكم هلكتم ، فخرجوا في طلبه وشفعوا (٣) إليه حتى ردوه.
أخبرنا (٤) أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا الحسن بن محمّد بن إسحاق ، نا أبو عثمان الخيّاط ، ثنا أحمد بن أبي الحواري قال : قال لي أبو سليمان : لا تعاتب أحدا في هذا الزمان ، فإنّك إن عاتبته عابك بأشرّ (٥) من الأمر الذي عاتبته عليه ، دعه بالأمر الأول فهو خير له.
أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عبد العزيز في كتابه ، أنا الحسين بن يحيى بن إبراهيم ، أنا الحسين بن علي بن محمّد ، أنا علي بن عبد الله بن جهضم ، حدّثني عبد الواحد بن بكر ، حدّثني عمر بن محمّد الأردبيلي ، نا محمّد بن أحمد الدّينوري ، قال : سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول :
قلت لأبي صفوان : ما رأيت مثل أبي عبد الله النّباجي (٦) فقال أبو صفوان : ما رأيت بعينيك مثل أبي سليمان ، ولكن أخبرك بقصتك (٧) زرع أبو سليمان في قلبك حبيبة ، وأصابها عطشة ، فلما لقيت النّباجي (٨) سقاها ، فإنما هذا من بركة أبي سليمان.
أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل ، أنا أبو بكر المزكّي ، أنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : سمعت علي بن سعيد يقول : سمعت أحمد بن عطاء يقول : أخبرني علي بن القاسم ، نا أحمد بن زياد الإيادي ، نا ابن أبي الحواري قال :
__________________
(١) بالأصل : وقال ، والمثبت عن م.
(٢) في البداية والنهاية بتحقيقنا ١٠ / ٢٨١ أهل الشام في منامه.
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي البداية والنهاية : وتشفعوا له وتذللوا له.
(٤) الخبر سقط من م.
(٥) في المطبوعة : «عابك بأسوا».
(٦) مضطربة بالأصل وم ، والصواب ما أثبت وضبط ، واسمه سعيد بن بريد ترجمته في سير الأعلام ٩ / ٥٨٦ والنباجي نسبة إلى نباج من قرى بادية البصرة.
(٧) بالأصل وم : بفضل درع.
(٨) مضطربة بالأصل وم ، والصواب ما أثبت وضبط ، واسمه سعيد بن بريد ترجمته في سير الأعلام ٩ / ٥٨٦ والنباجي نسبة إلى نباج من قرى بادية البصرة.