تعاهدي إياك بالنصيحة في أوّل ما بلغني عنك في تخلفك عن (١) الجمعة والصلوات ، فجددت (٢) ، ولححت (٣) ثم بررت (٤) بك فوعظتك ، فأجبتني بما ليس لك فيه حجة ، ولا عذر ، وقد أحببت أن أقرن بنصيحتي إياك عهدا عسى الله أن يحدث به خيرا ، وقد بلغنا أن خمسا كان عليها أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم والتابعون لهم بإحسان : اتّباع السّنّة ، وتلاوة القرآن ، ولزوم الجماعة ، وعمّارة المساجد ، والجهاد في سبيل [الله](٥).
وحدّثني سفيان الثوري أن حذيفة بن اليمان كان يقول : من أحبّ أن يعلم أصابته الفتنة أو لا (٦) ، فلينظر ، فإن رأى حلالا كان يراه حراما ، أو يرى (٧) حراما كان يراه حلالا ، فليعلم أن قد أصابته ، وقد كنت قبل وفاة أبيك يرحمهالله ترى ترك الجمعة والصلوات في الجماعة حراما ، فأصبحت تراه حلالا ، وكنت ترى عمارة المساجد من أشرف الأعمال ، فأصبحت لها هاجرا ، وكنت ترى أن ترك مصائبك (٨) من الحرس في سبيل الله حرجا (٩) ، فأصبحت تراه جميلا.
وحدّثني سفيان ـ منقطع ـ (١٠) عن ابن عباس أنه قال : من ترك الجمعة أربعا متواليات من غير عذر فقد نبذ الإسلام من وراء ظهره.
وحدّثني الزهري عن أبي هريرة : أنه من ترك الجمعة ثلاثا من غير عذر طبع على قلبه.
وقد خاطرت بنفسك من هذين الحديثين عظيما فاتهم رأيك ، فإنّه شرّ ما أخذت به ، وارض بأسلافك (١١) إماما ، قد كنت في ثلاث سنوات مررن (١٢) ـ والمساجد والديار تحرق والدماء تسفك والأموال تنتهب ـ مع أبيك لا تخالفه في ترك جمعة ، ولا حضور صلاة مسجد ،
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي المعرفة والتاريخ وم : من.
(٢) كذا بالأصل والمعرفة والتاريخ ، وفي م والمطبوعة : فحددت.
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي المعرفة والتاريخ والمطبوعة : ولججت.
(٤) الأصل وم : «مررت بك» والمثبت عن المعرفة والتاريخ وفيها : بررتك.
(٥) الزيادة عن م والمعرفة والتاريخ.
(٦) في م : «أم لا» والأصل كالمعرفة والتاريخ.
(٧) «يرى» سقطت من المطبوعة.
(٨) بدون إعجام بالأصل ، وفي م «مصابتك» وفي المعرفة والتاريخ : عصابتك.
(٩) في م : حراما.
(١٠) كذا بالأصل وم ، وفي المعرفة والتاريخ : «منقطعا» وكلاهما يصح.
(١١) بالأصل : «وارضى باسلامك أمانا» والصواب عن م والمعرفة والتاريخ.
(١٢) الأصل : «وقد كتب في ثلاثة سنوات مروان» صوبنا العبارة عن م والمعرفة والتاريخ.