وهو غالبا ما يذكر اسم المصدر الذي نقل منه مما يسم طريقته في التأريخ بالأمانة والصحة والصدق.
إن الكتب الكثيرة والمراجع المتعددة التي عاد إليها المؤلف تدل على مدى علمه وسعة ثقافته في وقت كانت اليمن فيه مسرح صراع وعدم استقرار ، وفي فترة لم نطلع بعد على أعمال مؤرخ يمني سجل أحداثها وترجم لرجالها.
الكتاب :
يعتبر (كتاب تاريخ مدينة صنعاء) الكتاب الوحيد المعروف لدينا ـ حتى الآن ـ عن تاريخ هذه المدينة منذ الأسطورة في التأسيس إلى زمن المؤلف ـ القرن الخامس ـ ، والكتاب ـ كما سيطلع القارئ الكريم ـ يشبه كتب البلدان المماثلة التي ألفت في تواريخ البلدان كتاريخ بغداد للخطيب وتاريخ دمشق لابن عساكر وغيرهما ، إلا أنه أكثر إيجازا وأقل استيفاء في تراجم الرجال ، فقد ذكر أخبار من قدمها من أصحاب الرسول الكريم ومن الولاة ، والمشهورين من رجال العلم والحديث .. إلى بعض الاستطرادات في مواضيع تتشابه فيها كتب التاريخ الإسلامية ، كتفسير بعض آيات من القرآن ـ فيما يتعلق بصنعاء واليمن ـ وقضايا الفتوحات العربية ، وأخبار الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وأخبار الصحابة والتابعين.
أما ذكره لبعض الحوادث السياسية فقد يأتي بشكل عارض غير مقصود بذاته ، كأن يقول : «كان ذلك في زمن الأمير أسعد بن أبي يعفر ..» أو : «عند دخول الحضرمي الأعور صنعاء ..» أو نحو ذلك ، ولعل إعراضه عن ذلك يعود إلى شخص المؤلف الذي لم يكن له أي اهتمام إلا بالعلم ورجاله ، ثم بمن له الفضل في هذا الميدان من قومه ، وليس له شأن في الحديث عن الأمراء والحكام ، فهمّه الانقطاع إلى البحث والدرس والتأليف.
وهكذا نجد الكتاب في مجمله كما لو كان صورة تعكس الرواية اليمنية للحديث
تاريخ صنعاء (٣)