تبكي وتضحك تارة ، ويسوؤها |
|
ما أنكرت ويسرها ما تعرف |
فيسوءها موت الخليفة محرما |
|
ويسرها أن قام هذا الأرأف |
ما إن رأيت كما رأيت ولا أرى |
|
شعرا أرجله وآخر ينتف |
هلك الخليفة يال أمة أحمد |
|
وأتاكم من بعده من يخلف |
أهدى لهذا الله فضل خلافة |
|
ولذاك جنات النّعيم تزخرف |
قال : فأمر المهدي بالنداء بالرصافة : إن الصلاة جامعة ، وخطب فنعى المنصور وقال : إن أمير المؤمنين عبد دعى فأجاب ، وأمر فأطاع ، واغرورقت عيناه. فقال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد بكى عند فراق الأحبة ، ولقد فارقت عظيما وقلدت جسيما. وعند الله أحتسب أمير المؤمنين. وبه عزوجل أستعين على خلافة المسلمين.
أخبرني أبو القاسم الأزهريّ ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد ابن عرفة النّحويّ ، أخبرني أبو العبّاس المنصوري قال : لما حصلت في يد المهدي الخزائن والأموال وذخائر المنصور أخذ في رد المظالم وأخرج ما في الخزائن ففرقه حتى أكثر من ذلك ، وبرّ أهله وأقرباءه ومواليه وذوي الحرمة به ، وأخرج لأهل بيته أرزاقا لكل واحد منهم في كل شهر خمسمائة درهم لكل رجل ستة آلاف درهم في السنة ، وأخرج لهم في الأقسام لكل رجل عشرة آلاف درهم ، وزاد بعضهم ، وأمر ببناء مسجد الرصافة ، وحاط حائطها ، وخندق خندقها. وذلك كله في السنة التي قدم فيها مدينة السلام.
أخبرنا الحسن بن علي الجوهريّ ، أخبرنا محمّد بن العبّاس الخزّاز ، حدّثنا عبيد الله ابن أحمد المروروذي ، حدّثني أبي قال : حكى لنا عن الربيع أنه قال : مات المنصور وفي بيت المال شيء لم يجمعه خليفة قط قبله مائة ألف ألف درهم وستون ألف ألف درهم ، فلما صارت الخلافة إلى المهدي قسّم ذلك وأنفقه. وقال الربيع : نظرنا في نفقة المنصور فإذا هو ينفق في كل سنة ألفي درهم مما يجيء من مال الشراة.
وأخبرنا الجوهريّ ، أخبرنا محمّد بن العبّاس قال : حدّثنا عبيد الله بن أحمد ، حدّثني أبي قال : أخبرت أن الربيع قال : فتح المنصور يوما خزانة مما قبض من خزائن مروان بن محمّد فأحصى فيها اثنى عشر ألف عدل خز. فأخرج منها ثوبا وقال : يا ربيع اقطع من هذا الثوب جبتين ، لي واحدة ولمحمّد واحدة ، فقلت : لا يجيء منه هذا