أخذني وأخذ المقرعة فضربني سبع مقارع. وقال : يا مولاي الأدب ثلاث ، والسبع فضل وذلك قصاص ، فضربتك هذه السبع المقارع خوفا عليك من القصاص يوم القيامة. قال فغاظني جدا فرميته فشججته ، فمضى من وقته إلى ابنة عمي فقال لها : يا مولاتي إن الدين النصيحة ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من غشنا فليس منا» وأنا أعلمك يا مولاتي أن مولاي قد تزوج واستكتمني ، فلما قلت له لا بد من تعريف مولاتي الخبر ضربني بالمقارع وشجني ، فمنعتني بنت عمي من دخول الدار ، وحالت بيني وبين ما فيها ووقعنا في تخليط ، فلم أر الأمر يصلح إلا بأن طلقت المرأة التي تزوجتها ، وصلح أمري مع ابنة عمي ، وسمت الغلام الناصح ، فلم يكن يتهيأ لي أن أكلمه. فقلت : أعتقه وأستريح فلعله أن يمضي عني إلى النار ، فلما أعتقته لزمني وقال : الآن وجب حقك علي ، ثم إنه أراد الحج فجهزته وزودته وخرج ، فغاب عني عشرين يوما ورجع. فقلت له : لم رجعت؟ قال قطع الطريق وفكرت فإذا الله تعالى يقول : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً). فكنت غير مستطيع ، وفكرت فإذا حقك أوجب فرجعت. ثم أراد الغزو فجهزته أيضا لذلك وشخص. فلما غاب عني بعت كل ما أملكه بالبصرة من عقار وغيره ، وخرجت عنها خوفا من أن يرجع.
قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل القاضي. قال : مات أبو عبد الله بن القاسم بن خلاد بن ياسر بن سليمان المعروف بأبي العيناء في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين ومائتين ، وحمل في تابوت إلى البصرة. وكان مولده بالأهواز في سنة إحدى وتسعين ومائة ومنشؤه بالبصرة ، وولاؤه للمنصور ، وكان ضريرا يخضب بالحمرة خضابا ليس بالمشبع ، وكان فصيحا سريع الجواب.
قرأت بخط أبي الحسن الدّارقطنيّ : مات أبو العيناء الضّرير سنة اثنتين وثمانين ومائتين وكان خرج من بغداد يريد البصرة في سفينة فيها ثمانون نفسا ، فغرقت فما سلم منها غيره ، فلما صار إلى البصرة مات!!
قدم بغداد وحدّث بها عن محمود بن المهتدي ، ومحمّد بن تميم الفريابي ، وهارون بن حاتم الكوفيّ. روى عنه محمّد بن مخلد الدّوريّ.
__________________
(١) ١٥٣٢ ـ هذه الترجمة برقم ١٢١٦ في المطبوعة.