محمّد بن عيسى المكي قال : أنشدنا محمّد بن القاسم أبو العيناء :
لعمرك ما حقّ امرئ لا يعدّ لي |
|
على نفسه حقّا على بواجب |
وما أنا للنّائي علىّ بودّه |
|
بودّي وصافي خلّتي بمقارب |
ولكنّه إن مال يوما بجانب |
|
من الصّدّ والهجران ملت بجانبي |
أخبرني الصّيمريّ حدّثنا محمّد بن عمران حدّثني علي بن محمّد الورّاق. قال قال ابن وثاب لأبي العيناء : أنا والله أحبك بكليتي. فقال : إلا عضوا واحدا؟ فبلغ ذلك ابن أبي دؤاد فقال : لقد وفق في التحديد عليه.
أخبرني علي بن أيّوب حدّثنا المرزباني حدّثني محمّد بن أحمد الكاتب أنبأنا أبو العيناء. قال قال لي المنتصر يوما : ما أحسن الجواب؟ فقلت : ما أسكت المبطل ، وحير المحق. فقال : أحسنت والله.
حدّثنا أبو القاسم الأزهريّ وأحمد بن عبد الواحد الوكيل. قالا : أنبأنا محمّد بن جعفر التميميّ أنبأنا أبو بكر الصولي عن أبي العيناء. قال : كان سبب خروجي من البصرة وانتقالي عنها ، أني مررت بسوق النخاسين يوما ، فرأيت غلاما ينادي عليه ـ وقد بلغ ثلاثين دينارا ـ وهو يساوي ثلاثمائة دينار فاشتريته وكنت أبني دارا ، فدفعت إليه عشرين دينارا على أن ينفقها على الصناع ، فجاءني بعد أيام يسيرة فقال : قد نفدت النفقة. فقلت : هات حسابك ، فرفع حسابا بعشرة دنانير. قلت : فأين الباقي؟ قال اشتريت به ثوبا مصمتا وقطعته ، قلت ومن أمرك؟ قال يا مولاي لا تعجل ، فإن أهل المروءات والأقدار لا يعيبون على غلمانهم إذا فعلوا فعلا يعود بالدين على مواليهم ، فقلت في نفسي : أنا اشتريت الأصمعي ولم أعلم. قال : وكانت في نفسي امرأة أردت أن أتزوجها سرا من ابنة عمي ، فقلت له يوما : أفيك خير؟ قال : إي لعمري. فأطلعته على الخبر فقال : أنا نعم العون لك. فتزوجت المرأة ودفعت إليه دينارا فقلت له : اشتر لنا كذا وكذا ويكون فيما تشتريه سمك هازبى (١). فمضى ورجع وقد اشترى ما أردت ، إلا أنه اشترى سمكا مارماهي ، فغاظني فقلت له : أليس أمرتك أن تشتري هازبى ، قال : بلى ولكني رأيت بقراط يقول : أن الهازبى يولد السوداء ، ويصف المارماهي ويقول إنه أقل غائلة. فقلت له : يا ابن الفاعلة أنا لم أعلم أني اشتريت جالينوس ، وقمت إليه فضربته عشر مقارع ، فلما فرغت من ضربه
__________________
(١) السمك الهازبى : جنس من السمك.