ولقد حدّثني أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني بأصبهان قال : سمعت أبا عبد الله بن مندة يقول : كتبت عن ألف شيخ لم أر فيهم أحفظ من إبراهيم ابن حمزة.
حدّثني أبو الوليد الحسن بن محمّد الدربندي من أصل كتابه قال : سمعت محمّد ابن الحسين بن الفضل القطّان يقول : سمعت أبا بكر بن الجعابيّ يقول : دخلت الرقة فكان لي ثم قمطران كتبا (١). فأنفذت غلامي إلى ذلك الرجل الذي كتبي عنده ، فرجع الغلام مغموما فقال : ضاعت الكتب. فقلت : يا بني لا تغتم فإن فيها مائتي ألف حديث لا يشكل عليّ منها حديث ، لا إسنادا ولا متنا (٢).
حدّثنا علي بن أبي علي المعدّل ، عن أبيه. قال : ما شاهدنا أحفظ من أبي بكر بن الجعابيّ. وسمعت من يقول إنه يحفظ مائتي ألف حديث ، ويجيب في مثلها ، إلّا أنه كان يفضل الحفاظ ، فانه كان يسوق المتون بألفاظها ، وأكثر الحفاظ يتسامحون في ذلك وإن أثبتوا المتن ، وإلّا ذكروا لفظة منه أو طرفا ، وقالوا : وذكر الحديث. وكان يزيد عليهم بحفظه المقطوع والمرسل والحكايات والأخبار ، ولعله كان يحفظ من هذا قريبا مما يحفظ من الحديث المسند الذي يتفاخر الحفاظ بحفظه. وكان إماما في المعرفة بعلل الحديث ، وثقات الرجال من معتليهم وضعفائهم وأسمائهم وأنسابهم ؛ وكناهم ومواليدهم ، وأوقات وفاتهم ، ومذاهبهم ، وما يطعن به على كل واحد ، وما يوصف به من السداد ، وكان في آخر عمره قد انتهى هذا العلم إليه. حتى لم يبق في زمانه من يتقدمه فيه في الدّنيا (٣).
حدّثني رفيقي علي بن عبد الغالب الضراب قال : سمعت أبا الحسن بن رزقويه يقول : كان ابن الجعابيّ يملى مجلسه فتمتلئ السكة التي يملى فيها والطريق ، ويحضره ابن مظفر ، والدّارقطنيّ ، ولم يكن الجعابيّ يملى الأحاديث كلها بطرقها إلّا من حفظه.
حدّثني الحسن بن محمّد بن الأشقر البلخيّ قال : سمعت القاضي أبا عمر القاسم بن جعفر الهاشمي غير مرة يقول : سمعت الجعابيّ يقول : أحفظ أربعمائة ألف حديث ، وأذاكر بستمائة ألف حديث (٤).
__________________
(١) في المنتظم : «قمطر من كتب».
(٢) انظر الخبر في : المنتظم ، لابن الجوزي ١٤ / ١٧٩.
(٣) انظر الخبر في : المنتظم ، لابن الجوزي ١٤ / ١٧٩ ـ ١٨٠.
(٤) انظر الخبر في : المنتظم ، لابن الجوزي ١٤ / ١٨٠.