فقلت له : لقد تعجبت من تفاوت حالتيك. فقال لي : أضجرني هؤلاء بسوء آدابهم فلما جئتني أنت انبسطت إليك وأنشدتك ، وقد حضرني في هذا المعنى بيتان وهما :
فيّ انقباض وحشمة فإذا |
|
صادفت أهل الوفاء والكرم |
أرسلت نفسي على سجيتها |
|
وقلت ما قلت غير محتشم |
فقلت له : وددت والله أن هذين البيتين لي بنصف ما أملك ، فقال : قد وفر الله عليك مالك ، والله ما سمعهما أحد ولا قلتهما إلّا الساعة ، فقلت له : فكيف لي بعلم نفسي أنهما ليسا لي.
أخبرنا عبد الملك بن محمّد بن عبد الله الواعظ ، أخبرنا أبو علي أحمد بن الفضل ابن خزيمة قال : أنشدنا أحمد بن سعيد الجمّال قال : أنشدني محمّد بن كناسة لنفسه :
في انقباض وحشمة (١) ..................
وذكر البيتين.
حدّثنا علي بن أبي علي ، حدّثنا محمّد بن عمران بن موسى ، حدّثنا أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش قال : حدّثني أبو عبد الله محمّد بن محمّد الأبزاريّ المعروف بمنقار قال : حدّثني إسحاق الموصلي قال : أنشدنا ابن كناسة ـ ويحيى بن معين في مجلسه ـ :
فيّ انقباض وحشمة فإذا |
|
صادفت أهل الوفاء والكرم |
أرسلت نفسي على سجيتها |
|
وقلت ما قلت غير محتشم |
قال : فقال لي إسحاق فأذكرت ابن كناسة هذين البيتين بعد ، فقال : لكني أنشدك اليوم :
ضعفت عن الإخوان حتى جفوتهم |
|
على غير زهد في الإخاء ولا الود |
ولكنّ أيامي تخرّمن قوتي |
|
فما أبلغ الحاجات إلّا على جهد |
أخبرني الحسين بن علي الصّيمريّ ، حدّثنا علي بن الحسن الرّازيّ ، حدّثنا محمّد ابن الحسين الزّعفرانيّ ، حدّثنا أحمد بن زهير ـ وذكر محمّد بن كناسة في تسمية من قدم بغداد من أهل الكوفة ـ قال : سئل يحيى بن معين عن محمّد بن كناسة فقال : ثقة.
__________________
(١) انظر الخبر والأبيات في : تهذيب الكمال ٢٥ / ٤٩٥