جبير عن محمّد بن عبد الرّحمن بن يزيد عن أبيه عن ابن مسعود. قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من سأل وله ما يغنيه كانت خدوشا ، أو كدوحا في وجهه يوم القيامة» فقال رجل : يا رسول الله ، ما ذا غناه؟ قال : «خمسون درهما ، أو قيمتها ذهبا» (١).
قال يحيى : فسألت شعبة عن هذا الحديث فقال قد سمعته من حكيم إني أخاف الله أن أحدثه.
أخبرني علي بن المحسن القاضي أخبرني أبي قال : قال أبو الحسين محمّد بن علي ابن الخلّال البصريّ. حدّثني أبي وسمعته من غيره أن القضاة والشهود بمدينة السلام أدخلوا على المعتمد على الله للشهادة عليه في دين كان اقترضه عند الإضافة بالإنفاق على صاحب الزنج ، فلما مثلوا بين يديه قرأ عليهم إسماعيل بن بلبل الكتاب. ثم قال : إن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه يأمركم أن تشهدوا عليه بما في هذا الكتاب ، فشهد القوم حتى بلغ الكتاب إلى الجذوعي القاضي ، فأخذه بيده وتقدم إلى السرير. فقال : يا أمير المؤمنين أشهد عليك بما في هذا الكتاب؟ فقال : اشهد. فقال : إنه لا يجوز أن أشهد أو تقول : نعم! فأشهد عليك؟ قال : نعم! فشهد في الكتاب ثم خرج. فقال المعتمد : من هذا؟ فقيل له : الجذوعي البصريّ. فقال : وما إليه؟ فقالوا : ليس إليه شيء. فقال : مثل هذا لا ينبغي أن يكون مصروفا ، فقلدوه واسطا ، فقلده إسماعيل وانحدر. فاحتاج الموفق يوما إلى مشاورة الحاكم فيما يشاور في مثله ، فقال : استدعوا القاضي فحضر وكان قصيرا له دبية طويلة فدخل في بعض الممرات ومعه غلام له ، فلقيه غلام كان للموفق وكان شديد التقدم عنده وكان مخمورا أو سكران ، فصادفه في مكان خال من الممر فوضع يده في دبيته حتى غاص رأسه فيها وتركه ومضى ، فجلس الجذوعي في مكانه وأقبل غلامه حتى فتقها وأخرج رأسه منها ، وثنى رداءه على رأسه ؛ وعاد إلى داره. وأحضر الشهود ، فأمرهم بتسلم الديوان ورسل الموفق يترددون وقد سترت الحال عنه حتى قال بعض الشهود لبعض الرسل الخبر ، فعاد إلى الموفق فأخبره بذلك. فأحضر صاحب الشرطة وأمره بتجريد الغلام وحمله إلى باب دار القاضي وضربه هناك ألف سوط ، وكان والد هذا الغلام من جلّة القواد ومحله محل من لو هم بالعصيان لأطاعة أكثر الجيش ، فلم يقل شيئا وترجل القوّاد
__________________
(١) انظر الحديث في : سنن النسائي ، كتاب الزكاة باب ٨٥. وسنن أبي داود ، كتاب الزكاة باب ٢٤. ومسند أحمد ١ / ٤٤١. ومصنف ابن أبي شيبة ٣ / ١٨٠.