فكونه جاز فيه اللغتان دليل على أنه مما يمكن أن يتوجه عليه العامل ، وهو قد فرض أنه لم يقصد بالاستثناء إخراجها عن المأمور بالإسراء بهم ، ولا من المنهيين عن الالتفات ، فكان يجب فيه إذ ذاك النصب قولا واحدا. والظاهر أن قوله : ولا يلتفت ، من التفات البصر. وقالت فرقة : من لفت الشيء يلفته إذا ثناه ولواه ، فمعناه : ولا يتثبط. وفي كتاب الزهراوي أنّ المعنى : ولا يلتفت أحد إلى ما خلف بل يخرج مسرعا. والضمير في أنه ضمير الشأن ، ومصيبها مبتدأ ، وما أصابهم الخبر. ويجوز على مذهب الكوفيين أن يكون مصيبها خبر إن ، وما أصابهم فاعل به ، لأنهم يجيزون أنه قائم أخواك. ومذهب البصريين أنّ ضمير الشان لا يكون خبره إلا جملة مصرحا بجزأيها ، فلا يجوز هذا الإعراب عندهم.
وقرأ عيسى بن عمر : الصبح بضم الباء. قيل : وهي لغة ، فلا يكون ذلك اتباعا وهو على حذف مضاف أي : إنّ موعد هلاكهم الصبح. ويروى أن لوطا عليهالسلام قال : أريد أسرع من ذلك ، فقالت له الملائكة : أليس الصبح بقريب؟ وجعل الصبح ميقاتا لهلاكهم ، لأنّ النفوس فيه أودع ، والراحة فيه أجمع. ويروى أن لوطا خرج بابنتيه ليس معه غيرهما عند طلوع الفجر ، وطوى الله له الأرض في وقته حتى نجا ، ووصل إلى إبراهيم عليهماالسلام. والضمير في عاليها عائد على مدائن قوم لوط ، جعل جبريل جناحه في أسفلها ثم رفعها إلى السماء ، حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وصياح الديكة ، ثم قلبها عليهم ، وأتبعوا الحجارة من فوقهم وهي المؤتفكات سبع مدائن. وقيل : خمس عدّها المفسرون ، وفي ضبطها إشكال ، فأهملت ذكرها. وسدوم هي القرية العظمى ، وأمطرنا عليها أي على أهلها. وروي أن الحجارة أصابت منهم من كان خارج مدنهم حتى قتلتهم أجمعين ، وأنّ رجلا كان في الحرم فبقي الحجر معلقا في الهواء حتى خرج من الحرم فقتله الحجر. قال أبو العالية ، وابن زيد : السجيل اسم لسماء الدنيا ، وهذا ضعيف لوصفه بمنضود ، وتقدم شرحه في المفردات. وقيل : من أسجله إذا أرسله ، وقيل : مما كتب الله أن يعذب به من السجل ، وسجل لفلان. ومعنى هذه اللفظة : ماء وطين ، هذا قول : ابن عباس ، ومجاهد ، وابن جبير ، وعكرمة ، والسدّي ، وغيرهم. وذهبوا إلى أنّ الحجارة التي رموا بها كانت كالآجر المطبوخ. وقيل : حجر مخلوط بطين أي حجر وطين ، ويمكن أن يعود هذا إلى الآجر. وقال أبو عبيدة : الشديد من الحجارة الصلب ، مسومة عليها سيما يعلم بها أنها ليست من حجارة الأرض قاله : ابن جريج. وقال عكرمة وقتادة : إنه كان فيها بياض. وقيل : مكتوب على كل حجر اسم من رمى به ، قاله الربيع. وعن ابن عباس ، والحسن : بياض في