وأما ما في مصحف أبي فإن نافية ، ومن زائدة. وأما قراءة الأعمش فواضحة ، والمعنى : جميع ما لهم. قيل : وهذه الجملة تضمنت توكيدات بأن وبكل وباللام في الخبر وبالقسم ، وبما إذا كانت زائدة ، وبنون التوكيد وباللام قبلها وذلك مبالغة في وعد الطائع ووعيد العاصي ، وأردف ذلك بالجملة المؤكدة وهي : إنه بما يعملون خبير. وهذا الوصف يقتضي علم ما خفي. وقرأ ابن هرمز : بما تعملون على الخطاب.
(فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) : قال ابن عيينة وجماعة : معناه استقم على القرآن ، وقال الضحاك : استقم بالجهاد ، وقال مقاتل : امض على التوحيد ، وقال جماعة : استقم على أمر ربك بالدعاء إليه ، وقال جعفر الصادق : استقم في الإخبار عن الله بصحة العزم ، وقال الزمخشري : فاستقم استقامة مثل الاستقامة التي أمرت بها على جادة الحق غير عادل عنها. وقال ابن عطية : أمر بالاستقامة وهو عليها ، وهو أمر بالدوام والثبوت. والخطاب للرسول وأصحابه الذين تابوا من الكفر ولسائر الأمة ، فالمعنى : وأمرت مخاطبة تعظيم انتهى. وقيل : استفعل هنا للطلب أي : اطلب الإقامة على الدين ، كما تقول : استغفر أي اطلب الغفران. ومن تاب معطوف على الضمير المستكن في فاستقم ، وأغنى الفاصل عن التوكيد : ولا تطغوا قال ابن عباس : في القرآن فتحلوا وتحرموا ما لم آمركم به. وقال ابن زيد : لا تعصوا ربكم. وقال مقاتل : لا تخلطوا التوحيد بالشك. وقال الزمخشري : لا تخرجوا عن حدود الله. وقرأ الحسن والأعمش : بما يعملون بالياء على الغيبة ، ورويت عن عيسى الثقفي بصير مطلع على أعمالهم يراها ويجازى عليها.
(وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) : قال ابن عباس : معنى الركون الميل. وقال السدي ، وابن زيد : لا تداهنوا الظلمة. وقال قتادة : لا تلحقوا بهم. وقال سفيان : لا تدنوا إلى الذين ظلموا. وقال أبو العالية : لا ترضوا أعمالهم ، وقيل : لا تجالسوهم ، وقال جعفر الصادق : إلى الذين ظلموا إلى أنفسكم فإنها ظالمة ، وهذا شبيه بتفسير الباطنية. وقيل : لا تتشبهوا بهم. وقرأ الجمهور : تركنوا بفتح الكاف ، والماضي ركن بكسرها ، وهي لغة قريش. وقال الأزهري : هي اللغة الفصحى. وعن أبي عمرو : بكسر التاء على لغة تميم في مضارع علم غير الياء. وقرأ قتادة ، وطلحة ، والأشهب ، ورويت عن أبي عمر : وتركنوا بضم الكاف ماضي ركن