تكون الواو بمعنى مع ، أي : رأيت الكواكب مع الشمس والقمر انتهى. والذي يظهر أن التأخير إنما هو من باب الترقي من الأدنى إلى الأعلى ، ولم يقع الترقي في الشمس والقمر جريا على ما استقر في القرآن من أنه إذا اجتمعا قدمت عليه. قال تعالى : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) (١) وقال : وجمع الشمس والقمر (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) (٢) وقدمت عليه لسطوع نورها وكبر جرمها وغرابة سيرها ، واستمداده منها ، وعلو مكانها. والظاهر أنّ رأيتهم كرر على سبيل التوكيد للطول بالمفاعيل ، كما كرر أنكم في قوله (أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) (٣) لطول الفصل بالظرف وما تعلق به.
وقال الزمخشري : (فإن قلت) : ما معنى تكرار رأيتهم؟ (قلت) : ليس بتكرار ، إنما هو كلام مستأنف على تقدير سؤال وقع جوابا له ، كان يعقوب عليهالسلام قال له عند قوله : إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ، كيف رأيتها سائلا عن حال رؤيتها؟ فقال : رأيتهم لي ساجدين انتهى. وجمعهم جمع من يعقل ، لصدور السجود له ، وهو صفة من يعقل ، وهذا سائغ في كلام العرب ، وهو أن يعطى الشيء حكم الشيء للاشتراك في وصف ما ، وإن كان ذلك الوصف أصله أن يخص أحدهما. والسجود : سجود كرامة ، كما سجدت الملائكة لآدم. وقيل : كان في ذلك الوقت السجود تحية بعضهم لبعض. ولما خاطب يوسف أباه بقوله : يا أبت ، وفيه إظهار الطواعية والبر والتنبيه على محل الشفقة بطبع الأبوة خاطبه أبوه بقوله : يا بني ، تصغير التحبيب والتقريب والشفقة. وقرأ حفص هنا وفي لقمان ، والصافات : يا بني بفتح الياء. وابن كثير في لقمان : (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ) (٤) وقنبل يا بني أقم بإسكانها ، وباقي السبعة بالكسر. وقرأ زيد بن علي : لا تقص مدغما ، وهي لغة تميم ، والجمهور بالفك وهي لغة الحجاز. والرؤيا مصدر كالبقيا. وقال الزمخشري : الرؤيا بمعنى الرؤية ، إلا أنها مختصة بما كان في النوم دون اليقظة ، فرق بينهما بحر في التأنيث كما قيل : القربة والقربى انتهى. وقرأ الجمهور : رؤياك والرؤيا حيث وقعت بالهمز من غير إمالة. وقرأ الكسائي : بالإمالة وبغير الهمز ، وهي لغة أهل الحجاز.
وإخوة يوسف هم : كاذ ، وبنيامين ، ويهوذا ، ونفتالي ، وزبولون ، وشمعون ، وروبين ، ويقال باللام كجبريل ، وجبرين ، ويساخا ، ولاوي ، وذان ، وياشير. فيكيدوا لك : منصوب
__________________
(١) سورة الرحمن : ٥٥ / ٥.
(٢) سورة يونس : ١٠ / ٥.
(٣) سورة المؤمنون : ٢٣ / ٣٥.
(٤) سورة لقمان : ٣١ / ١٣.