(سَواءً لِلسَّائِلِينَ) (١) أي سواء لمن سأل ولمن لم يسأل. وحسن الحذف لدلالة قوة الكلام عليه لقوله : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) (٢) أي والبرد. وقال ابن عطية : وقوله للسائلين ، يقتضي تحضيضا للناس على تعلم هذه الأنباء لأنه إنما المراد آيات للناس ، فوصفهم بالسؤال ، إذ كل أحد ينبغي أن يسأل عن مثل هذه القصص ، إذ هي مقر العبر والاتعاظ. وتقدم لنا ذكر أسماء إخوة يوسف منقولة من خط الحسين بن أحمد بن القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني ، ونقلها من خط الشريف النقيب النسابة أبى البركات محمد بن أسعد الحسيني الجوّاني محرّرة بالنقط ، وتوجد في كتب التفسير محرفة مختلفة ، وكان روبيل أكبرهم ، وهو ويهوذا ، وشمعون ، ولاوي ، وزبولون ، ويساخا ، شقائق أمهم ليا بنت ليان بن ناهر بن آزر وهي : بنت خال يعقوب ، وذان ونفتالي ، وكاذ وياشير ، أربعة من سريتين كانتا لليا وأختها راحيل ، فوهبتاهما ليعقوب ، فجمع بينهما ولم يحل الجمع بين الأختين لأحد بعده. وأسماء السريتين فيما قيل : ليا ، وتلتا ، وتوقيت أم السبعة فتزوج بعدها يعقوب أختها راحيل ، فولدت له يوسف وبنيامين ، وماتت من نفاسه.
وقرأ مجاهد ، وشبل وأهل مكة ، وابن كثير : آية على الإفراد. والجمهور آيات ، وفي مصحف أبي عبرة للسائلين مكان آية. والضمير في قالوا عائد على إخوة يوسف وأخوه هو بنيامين ، ولما كانا شقيقين أضافوه إلى يوسف. واللام في ليوسف لام الابتداء ، وفيها تأكيد وتحقيق لمضمون الجملة أي : كثرة حبه لهما ثابت لا شبهة فيه. وأحب أفعل تفضيل ، وهي مبني من المفعول شذوذا ، ولذلك عدى بإلى ، لأنه إذا كان ما تعلق به فاعلا من حيث المعنى عدى إليه بإلى ، وإذا كان مفعولا عدى إليه بفي ، تقول : زيد أحب إلى عمرو من خالد ، فالضمير في أحب مفعول من حيث المعنى ، وعمرو هو المحب. وإذا قلت : زيد أحب إلى عمرو من خالد ، كان الضمير فاعلا ، وعمرو هو المحبوب. ومن خالد في المثال الأول محبوب ، وفي الثاني فاعل ، ولم يبن أحب لتعدّيه بمن. وكان بنيامين أصغر من يوسف ، فكان يعقوب يحبهما بسبب صغرهما وموت أمهما ، وحب الصغير والشفقة عليه مركوز في فطرة البشر. وقيل لابنة الحسن : أي بنيك أحب إليك؟ قالت : الصغير حتى يكبر ، والغائب حتى يقدم ، والمريض حتى يفيق. وقد نظم الشعراء في محبة الولد الصغير
__________________
(١) سورة فصلت : ٤١ / ١٠.
(٢) سورة النحل : ١٦ / ٨١.