قديما وحديثا ، ومن ذلك ما قاله الوزير أبو مروان عبد الملك بن إدريس الجزيري في قصيدته التي بعث بها إلى أولاده وهو في السجن :
وصغيركم عبد العزيز فإنني |
|
أطوي لفرقته جوى لم يصغر |
ذاك المقدم في الفؤاد وإن غدا |
|
كفؤا لكم في المنتمى والعنصر |
إن البنان الخمس أكفاء معا |
|
والحلي دون جميعها للخنصر |
وإذا الفتى بعد الشباب سما له |
|
حب البنين ولا كحب الأصغر |
ونحن عصبة جملة حالية أي : تفضلهما علينا في المحبة ، وهما ابنان صغيران لا كفاية فيهما ولا منفعة ، ونحن جماعة عشرة رجال كفاة نقوم بمرافقة ، فنحن أحق بزيادة المحبة منهما. وروى النزال بن سبرة عن علي بن أبي طالب رضياللهعنه : ونحن عصبة. وقيل : معناه ونحن نجتمع عصبة ، فيكون الخبر محذوفا وهو عامل في عصبة ، وانتصب عصبة على الحال ، وهذا كقول العرب : حكمك مسمطا حذف الخبر. قال المبرد : قال الفرزدق :
يا لهذم حكمك مسمطا
أراد لك حكمك مسمطأ ، واستعمل هذا فكثر حتى حذف استخفا ، فالعلم السامع ما يريد القائل كقولك : الهلا والله أي : هذا الهلال ، والمسمط المرسل غير المردود. وقال ابن الأنباري : هذا كما تقول العرب : إنما العامري عمته ، أي يتعمم عمته انتهى. وليس مثله ، لأنّ عصبة ليس مصدرا ولا هيئة ، فالأجود أن يكون من باب حكمك مسمطا. وقدره بعضهم : حكمك ثبت مسمطا.
وعن ابن عباس : العصبة ما زاد على العشرة ، وعنه : ما بين العشرة إلى الأربعين ، وعن قتادة : ما فوق العشرة إلى الأربعين ، وعن مجاهد : من عشرة إلى خمسة عشر ، وعن مقاتل : عشرة ، وعن ابن جبير : ستة أو سبعة ، وقيل : ما بين الواحد إلى العشرة ، وقيل : إلى خمسة عشر ، وعن الفراء : عشرة فما زاد ، وعن ابن زيد ، والزجاج ، وابن قتيبة : العصبة ثلاثة نفر ، فإذا زادوا فهم رهط إلى التسعة ، فإذا زادوا فهم عصبة ، ولا يقال لأقل من عشرة عصبة. والضلال هنا هو الهوى قاله ابن عباس ، أو الخطأ من الرأي قاله ابن زيد ، أو الجور في الفعل قاله ابن كامل ، أو الغلط في أمر الدنيا. روي أنه بعد إخباره لأبيه بالرؤيا كان يضمه كل ساعة إلى صدره ، وكأن قلبه أيقن بالفراق فلا يكاد يصبر عنه والظاهر أنّ