لا الثمن. وهذا إذا كان الضمير في وشروه وكانوا عائدا على إخوة يوسف ، فأما إذا كان عائدا على السيارة فزهدهم فيه لكونهم ارتابوا فيه ، أو لوصف إخوته له بالخيانة والإباق ، أو لعلمهم أنه حر. وقال الزمخشري : من الزاهدين ، ممن يرغب عما في يده فيبيعه بما طف من الثمن ، لأنهم التقطوه ، والملتقط للشيء متهاون به لا يبالي بما باعه ، ولأنه يخاف أن يعرض له مستحق فينزعه من يده فيبيعه من أول مساوم بأوكس الثمن. ويجوز أن يكون معنى وشروه اشتروه ، يعني الرفقة من إخوته. وكانوا فيه من الزاهدين لأنهم اعتقدوا فيه أنه آبق ، فخافوا أن يخاطروا بمالهم فيه. ويروى أنّ إخوته اتبعوهم يقولون : استوثقوا منه لا يأبق انتهى. وفيه تقدم نظيره في (إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) (١) وأنه خرج تعلق الجار إما باعني مضمرة ، أو بمحذوف يدل عليه من الزاهدين : أي : وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين ، أو بالزاهدين لأنه يتسامح في الجار والظرف. فجوز فيهما ما لا يجوز في غيرهما.
وقال الذي اشتراه من مصر : ذكروا أقوالا متعارضة فيمن اشتراه ، وفي الثمن الذي اشتراه به ، ولا يتوقف تفسير كتاب الله على تلك الأقوال المتعارضة. فقيل : اشتراه رجل من العماليق وقد آمن بيوسف ، ومات في حياة يوسف : قيل : وهو إذ ذاك الملك بمصر ، واسمه الريان بن الوليد بن بروان بن أراشه بن فاران بن عمرو بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح ، فملك بعده قابوس بن مصعب بن تمر بن السلواس بن فاران بن عمرو المذكور في نسب الريان ، فدعاه يوسف إلى الإيمان فأبى ، فاشتراه العزيز وهو ابن سبع عشرة سنة ، وأقام في منزله ثلاث عشرة سنة ، واستوزره الريان بن الوليد وهو ابن ثلاثين سنة ، وآتاه الله الحكمة والعلم وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، وتوفي وهو ابن مائة وعشرين سنة. وقيل : كان الملك في أيامه فرعون موسى عاش أربعمائة سنة ، بدليل قوله : (وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ) (٢) وقيل : فرعون موسى من أولاد فرعون يوسف ، وقيل : عرض في السوق وكان أجمل الناس ، فوقعت فيه مزايدة حتى بلغ ثمنا عظيما. فقيل : وزنه من ذهب ومن فضة ومن حرير ، فاشتراه العزيز وهو كان صاحب الملك وخازنه ، واسم الملك الريان بن الوليد. وقيل : مصعب بن الريان ، وهو أحد الفراعنة ، واسم العزيز قطفير ، قاله ابن عباس ، وقيل : طفير ، وقيل : قنطور ، واسم امرأته راعيل ، وقيل : زليخا. قال ابن عطية : وظاهر أمر العزيز
__________________
(١) سورة الأعراف : ٧ / ٢١.
(٢) سورة غافر : ٤٠ / ٣٤.