من أهلها. فقال أبو هريرة ، وابن عباس ، والحسن ، وابن جبير ، وهلال بن يساف ، والضحاك : كان ابن خالتها طفلا في المهد أنطقه الله تعالى ليكون أدل على الحجة. وروي في الحديث : «أنه من الصغار الذين تكلموا في المهد» وأسنده الطبري. وفي صحيح البخاري وصحيح مسلم : «لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى ابن مريم ، وصاحب جريج ، وابن السوداء» وقيل : كان ابن عمها الذي كان مع زوجها لدى الباب ، ولا ينافي هذا قول قتادة ، كان رجلا حليما من أهلها ذا رأي يأخذ الملك برأيه ويستشيره. وقيل : كان حكما حكمه زوجها فحكم بينهما ، وكان الشاهد من أهلها ليكون أوجب للحجة عليها ، وأوثق لبراءة يوسف ، وأنفى للتهمة. ويحتمل أن يكون معهما في الدار بحيث لا يشعر به ، فبصر بما جرى بينهما ، فأغضبه الله ليوسف ، وشهد بالحق. ويبعد قول مجاهد وابن حبيب أنّ الشاهد هو القميص المقدود لقوله : شاهد من أهلها ، ولا يوصف القميص بكونه شاهدا من أهل المرأة. وسمى الرجل شاهدا من حيث دل على الشاهد ، وهو تخريق القميص. وقال الزمخشري : سمى قوله شهادة لأنه أدى تأديتها في أن ثبت قول يوسف وبطل قولها ، وإن كان قميصه محكي إما بقال مضمرة على مذهب البصريين ، وإما بشهد ، لأنّ الشهادة قول من الأقوال على مذهب الكوفيين. وكان هنا دخلت عليها أداة الشرط ، وتقدم خلاف المبرد والجمهور فيها ، هل هي باقية على مضيها ولم تقلها أداة الشرط؟ أو المعنى : أن يتبين كونه. فأداة الشرط في الحقيقة إنما دخلت على هذا المقدر. وجواب الشرط فصدقت وفكذبت ، وهو على إضمار قد أي : فقد صدقت ، وفقد كذبت. ولو كان فعلا جامدا أو دعاء لم يحتج إلى تقدير قد.
وقرأ الجمهور : من قبل ، ومن دبر ، بضم الباء فيهما والتنوين. وقرأ الحسن وأبو عمر ، وفي رواية : بتسكينها وبالتنوين ، وهي لغة الحجاز وأسد. وقرأ ابن يعمر ، وابن أبي إسحاق ، والعطاردي ، وأبو الزناد ، ونوح القارئ ، والجارود بن أبي سبرة بخلاف عنه : من قبل ، ومن دبر ، بثلاث ضمات. وقرأ ابن يعمر ، وابن أبي إسحاق ، والجارود أيضا في رواية عنهم : بإسكان الباء مع بنائهما على الضم ، جعلوها غاية نحو : من قبل. ومعنى الغاية أن يصير المضاف غاية نفسه بعد ما كان المضاف إليه غايته ، والأصل إعرابهما لأنهما اسمان متمكنان ، وليسا بظرفين. وقال أبو حاتم : وهذا رديء في العربية ، وإنما يقع هذا البناء في الظروف. وقال الزمخشري : والمعنى من قبل القميص ومن دبره ، وأما التنكير فمعناه من جهة يقال لها : قبل ، ومن جهة يقال لها : دبر. وعن ابن أبي إسحاق : أنه قرأ من قبل ومن