والسلاسل. وقيل : يحتمل أن يكون مجازا أي : هم مغلولون عن الإيمان ، فتجري إذا مجرى الطبع والختم على القلوب كما قال تعالى : (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً) (١) وكما قال الشاعر :
لهم عن الرشد أغلال وأقياد
وقيل : الأغلال هنا عبارة عن أعمالهم الفاسدة في أعناقهم كالأغلال ، ثم ذكر ما يستقرون عليه في الآخرة ، وأبرز ذلك في جملة مستقلة مشار إليهم رادة عليهم ما أنكروه من البعث ، إذ لا يكون أصحاب النار إلا بعد الحشر. ولما كانوا متوعدين بالعذاب إن أصروا على الكفر ، وكانوا مكذبين بما أنذروا به من العذاب ، سألوا واستعجلوا في الطلب أن يأتيهم العذاب وذلك على سبيل الاستهزاء كما قالوا : (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً) (٢) وقالوا : (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) (٣).
قال ابن عباس : السيئة العذاب ، والحسنة العافية. وقال قتادة : بالشر قبل الخير. وقيل : بالبلاء والعقوبة قبل الرخاء والعافية ، وهذه الأقوال متقاربة. وقد خلت من قبلهم المثلات أي : يستعجلونك بالسيئة مع علمهم بما حل بغيرهم من مكذبي الرسل في الأمم السالفة ، وهذا يدل على سخف عقولهم ، إذ يستعجلون بالعذاب. والحالة هذه فلو أنه لم يسبق تعذيب أمثالهم لكانوا ربما يكون لهم عذر ، ولكنهم لا يعتبرون فيستهزؤون. قال ابن عباس : المثلات العقوبات المستأصلات ، كمثلات قطع الأنف والأذن ونحوهما. وقال السدي : النقمات. وقال قتادة : وقائع الله الفاضحة ، كمسخ القردة والخنازير. وقال مجاهد : الأمثال المضروبة. وقرأ الجمهور : بفتح الميم وضم التاء ، ومجاهد والأعمش بفتحهما. وقرأ عيسى بن عمير وفي رواية الأعمش وأبو بكر : بضمهما ، وابن وثاب : بضم الميم وسكون الثاء ، وابن مصرف بفتح الميم وسكون الثاء. ولذو مغفرة للناس على ظلمهم ترجية للغفران ، وعلى ظلمهم في موضع الحال والمعنى : أنه يغفر لهم مع ظلمهم أنفسهم باكتساب الذنوب أي : ظالمين أنفسهم. قال ابن عباس : ليس في القرآن آية أرجى من هذه. وقال الطبري : ليغفر لهم في الآخرة. وقال القاسم بن يحيى وقوم : ليغفر لهم الظلم السالف بتوبتهم في الآنف. وقيل : ليغفر السيئات الصغيرة لمجتنب الكبائر.
__________________
(١) سورة يس : ٣٦ / ٨.
(٢) سورة الأنفال : ٨ / ٣٢.
(٣) سورة الإسراء : ١٧ / ٩٢.