ومرضه ، وموته ، وحياته ، ورزقه ، وأجله. والأحسن حمل هذه الأقوال على التمثيل لا على التخصيص ، لأنه لا دليل عليه.
والمراد من العندية العلم أي : هو تعالى عالم بكمية كل شيء ، وكيفيته على الوجه المفصل المبين ، فامتنع وقوع اللبس في تلك المعلومات. وقيل : المراد بالعندية أنه تعالى خصص كل حادث بوقته بعينه ، وحالة معينة بمشيئته الأزلية وإرادته السرمدية. ولما ذكر أنه عالم بأشياء خفية لا يعلمها إلا هو ، وكانت أشياء جزئية من خفايا علمه ، ذكر أن علمه محيط بجميع الأشياء ، فعلمه تعالى متعلق بما يشاهده العالم تعلقه بما يغيب عنهم. وقيل : الغائب المعدوم ، والشاهد الموجود. وقيل : الغائب ما غاب عن الحس ، والشاهد ما حضر للحس. وقرأ زيد بن علي : عالم الغيب بالنصب ، الكبير العظيم الشأن الذي كل شيء دونه ، المتعال المستعلي على كل شيء بقدرته ، أو الذي كبر عن صفات المحدثين وتعالى عنها. وأثبت ابن كثير وأبو عمرو في رواية : ياء المتعال وقفا ووصلا ، وهو الكثير في لسان العرب ، وحذفها الباقون وصلا ووقفا ، لأنها كذلك رسمت في الخط. واستشهد سيبويه بحذفها في الفواصل ومن القوافي ، وأجاز غيره حذفها مطلقا. ووجه حذفها مع أنها تحذف مع التنوين ، وإن تعاقب التنوين ، فحذفت مع المعاقب إجراء له مجرى المعاقب. ولما ذكر أنه تعالى عالم الغيب والشهادة على العموم ، ذكر تعالى تعلق علمه بشيء خاص من أحوال المكلفين ، فقال : سواء منكم الآية. والمعنى : سواء في علمه المسر القول ، والجاهر به لا يخفى عليه شيء من أقواله. وسواء تقدم الكلام فيه ، وفي معانيه ، وهو هنا بمعنى مستو ، وهو لا يثنى في أشهر اللغات. وحكى أبو زيد تثنيته فتقول : هما سواءان. وقيل : هو على حذف أي : سواء منكم سرّ من أسرّ القول ، وجهر من جهر به ، وأعربوا سواء خبر مبتدأ من أسر ، والمعطوف عليه مبتدأ. ويجوز أن يكون سواء مبتدأ لأنه موصوف بقوله : منكم ، ومن المعطوف الخبر. وكذا أعرب سيبويه قول العرب : سواء عليه الخير والشر. وقول ابن عطية : إن سيبويه ضعف ذلك بأنه ابتداء بنكرة ، وهو لا يصح.
وقال ابن عباس : مستخف مستتر وسارب ظاهر. وقال مجاهد : مستخف بالمعاصي. وتفسير الأخفش وقطرب : المستخفي هنا بالظاهر ، وإن كان موجودا في اللغة ينبو عنه اقترانه بالليل ، واقتران السارب بالنهار. وتقابل الوصفان في قوله : ومن هو مستخف ، إذ قابل من أسر القول. وفي قوله : سارب بالنهار إذ قابل ومن جهر به. والمعنى ـ والله أعلم ـ