التردد ، أو هما قولان من طائفتين : طائفة بادرت بالتكذيب والكفر ، وطائفة شكت ، والشك في مثل ما جاءت به الرسل كفر. وقرأ طلحة : مما تدعونا بإدغام نون الرفع في الضمير ، كما تدغم في نون الوقاية في مثل : أتحاجوني والمعنى : مما تدعوننا إليه من الإيمان بالله. ومريب صفة توكيدية ، ودخلت همزة الاستفهام الذي معناه الإنكار على الظرف الذي هو خبر عن المبتدأ ، لأنّ الكلام ليس في الشك إنما هو في المشكوك فيه ، وأنه لا يحتمل الشك لظهور الأدلة وشهادتها عليه. وقدر مضاف فقيل : أفي إلاهية الله. وقيل : أفي وحدانيته ، ثم نبههم على الوصف الذي يقتضي أن لا يقع فيه شك البتة وهو كونه منشىء العالم وموجده ، فقال : فاطر السموات والأرض. وفاطر صفة لله ، ولا يضر الفصل بين الموصوف وصفته بمثل هذا المبتدأ ، فيجوز أن تقول : في الدار زيد الحسنة ، وإن كان أصل التركيب في الدار الحسنة زيد. وقرأ زيد بن علي : فاطر نصبا على المدح ، ولما ذكر أنه موجد العالم ، ونبه على الوصف الذي لا يناسب أن يكون معه فيه شك ذكر ما هو عليه من اللطف بهم والإحسان إليهم فقال : يدعوكم ليغفر لكم أي : يدعوكم إلى الإيمان كما قال : إذ تدعون إلى الإيمان أو يدعوكم لأجل المغفرة ، نحو : دعوته لينصرني. وقال الشاعر :
دعوت لما نابني مسورا |
|
فلبى فلبى يدي مسور |
ومن ذنوبكم ذهب أبو عبيدة والأخفش إلى زيادة من أي : ليغفر لكم ذنوبكم. وجمهور البصريين لا يجيز زيادتها في الواجب ، ولا إذا جرت المعرفة ، والتبعيض يصبح فيها إذ المغفور هو ما بينهم وبين الله ، بخلاف ما بينهم وبين العباد من المظالم. وبطريق آخر يصح التبعيض وهو أنّ الإسلام يجب ما قبله ، ويبقى ما يستأنف بعد الإيمان من الذنوب مسكوتا عنه ، هو في المشيئة والوعد إنما هو بغفران ما تقدم ، لا بغفران ما يستأنف. وقال الزمخشري ما معناه : إنّ الاستقراء في الكافرين أن يأتي من ذنوبكم ، وفي المؤمنين ذنوبكم ، وكان ذلك للتفرقة بين الخطابين ، ولأن لا يسوي بين الفريقين انتهى. ويقال : ما فائدة الفرق في الخطاب والمعنى مشترك ، إذ الكافر إذا آمن ، والمؤمن إذا تاب مشتركان في الغفران وما تخيلت فيه مغفرة بعض الذنوب في الكافر الذي آمن هو موجود في المؤمن الذي تاب. وقال أبو عبد الله الرازي : أما قول صاحب الكشاف المراد تمييز خطاب المؤمن من خطاب الكافر ، فهو من باب الطامات ، لأنّ هذا التبعيض إن حصل فلا