كادوا يفعلون قبل الذبح. وتجرع تفعل ، ويحتمل هنا وجوها أن يكون للمطاوعة أي جرعه فتجرع كقولك : علمته فتعلم. وأن يكون للتكلف نحو : تحلم ، وأن يكون لمواصلة العمل في مهلة نحو : تفهم أي يأخذه شيئا فشيئا. وأن يكون موافقا للمجرد أي : تجرعه كما تقول : عدا الشيء وتعدّاه. ويتجرعه صفة لما قبله ، أو حال من ضمير ويسقى ، أو استئناف. ويأتيه الموت أي : أسبابه. والظاهر أنّ قوله : من كل مكان معناه من الجهات الست ، وذلك لفظيع ما يصيبه من الآلام. وقال إبراهيم التيمي : من كل مكان من جسده ، حتى من أطراف شعره. وقيل : حتى من إبهام رجليه ، والظاهر أنّ هذا في الآخرة. وقال الأخفش : أراد البلايا التي تصيب الكافر في الدنيا ، سماها موتا وهذا بعيد ، لأنّ سياق الكلام يدل على أنّ هذا من أحوال الكافر في جهنم. وقوله : وما هو بميت لتطاول شدائد الموت ، وامتداد سكراته. ومن ورائه الخلاف في من ورائه كالخلاف في من ورائه جهنم. وقال الزمخشري : ومن بين يديه عذاب غليظ أي : في كل وقت يستقبله يتلقى عذابا أشد مما قبله وأغلظ. وعن الفضيل : هو قطع الأنفاس وحبسها في الأجساد انتهى. وقيل : الضمير في ورائه هو يعود على العذاب المتقدم لا على كل جبار.
مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٨) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (٢٠) وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ (٢١) وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٢) وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا