وقال آخر :
أليس ورائي إن تراخت منيتي |
|
لزوم العصا نحني عليها الأصابع |
ووراء من الأضداد قاله : أبو عبيدة والأزهري. وقيل : ليس من الأضداد. وقال ثعلب : اسم لما توارى عنك ، سواء كان أمامك أم خلفك. وقيل : بمعنى من خلفه أي : في طلبه كما تقول الأمر من ورائك أي : سوف يأتيك. ويسقى معطوف على محذوف تقديره : يلقى فيها ويسقى ، أو معطوف على العامل في من ورائه ، وهو واقع موقع الصفة. وارتفاع جهنم على الفاعلية ، والظاهر إرادة حقيقة الماء. وصديد قال ابن عطية : هو نعت لماء ، كما تقول : هذا خاتم حديد وليس بماء ، لكنه لما كان بدل الماء في العرف عندنا يعني أطلق عليه ماء. وقيل : هو نعت على إسقاط أداة التشبيه كما تقول : مررت برجل أسد التقدير : مثل صديد. فعلى قول ابن عطية هو نفس الصديد وليس بماء حقيقة ، وعلى هذا القول لا يكون صديدا ولكنه ما يشبه بالصديد. وقال الزمخشري : صديد عطف بيان لماء قال : ويسقى من ماء ، فأبهمه إبهاما ، ثم بينه بقوله : صديد انتهى. والبصريون لا يجيزون عطف البيان في النكرات ، وأجازه الكوفيون وتبعهم الفارسي ، فأعرب (زَيْتُونَةٍ) (١) عطف بيان ل (شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) (٢) فعلى رأي البصريين لا يجوز أن يكون قوله : صديد ، عطف بيان. وقال الحوفي : صديد نعت لماء. وقال مجاهد ، وقتادة ، والضحاك : هو ما يسيل من أجساد أهل النار. وقال محمد بن كعب والربيع : هو غسالة أهل النار في النار. وقيل : هو ما يسيل من فروج الزناة والزواني. وقيل : صديد بمعنى مصدود عنه أي : لكراهته يصد عنه ، فيكون مأخوذا عنه من الصد. وذكر ابن المبارك من حديث أبي أمامة عن الرسول قاله في قوله : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ) قال : «يقرب إليه فيتكرهه ، فإذا أدنى منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه ، وإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره» يتجرعه يتكلف جرعه. ولا يكاد يسيغه أي : ولا يقارب أن يسيغه ، فكيف تكون الإساغة. والظاهر هنا انتفاء مقاربة إساغته إياه ، وإذا انتفت انتفت الإساغة ، فيكون كقوله : (لَمْ يَكَدْ يَراها) (٣) أي لم يقرب من رؤيتها فكيف يراها؟ والحديث : «جاءنا ثم يشربه» فإن صح الحديث كان المعنى : ولا يكاد يسيغه قبل أن يشربه ثم شربه ، كما جاء (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) (٤) أي وما
__________________
(١) سورة النور : ٢٤ / ٣٥.
(٢) سورة النور : ٢٤ / ٣٥.
(٣) سورة النور : ٢٤ / ٤٠.
(٤) سورة البقرة : ٢ / ٧١.