مسلمين. قال مجاهد وقتادة : الكتاب هنا ما نزل من الكتب قبل القرآن ، فعلى قولهما تكون تلك إشارة إلى آيات الكتاب. قال ابن عطية : ويحتمل أن يراد بالكتاب القرآن ، وعطفت الصفة عليه ، ولم يذكر الزمخشري إلا أن تلك الإشارة لما تضمنته السورة من الآيات قال : والكتاب والقرآن المبين السورة ، وتنكير القرآن للتفخيم ، والمعنى : تلك آيات الكتاب الكامل في كونه كتابا ، وآي قرآن مبين كأنه قيل : والكتاب الجامع للكمال والغرابة في الشأن ، والظاهر أنّ ما في ربما مهيئة ، وذلك أنها من حيث هي حرف جر لا يليها إلا الأسماء ، فجيء بما مهيئة لمجيء الفعل بعدها. وجوزوا في ما أن تكون نكرة موصوفة ، ورب جازة لها ، والعائد من جملة الصفة محذوف تقديره : رب شيء يوده الذين كفروا. ولو كانوا مسلمين بدل من ما على أنّ لو مصدرية. وعلى القول الأول تكون في موضع نصب على المفعول ليود ، ومن لا يرى أن لو تأتي مصدرية جعل مفعول يود محذوفا. ولو في لو كانوا مسلمين حرف لما كان سيقع لوقوع غيره ، وجواب لو محذوف أي : ربما يود الذين كفروا الإسلام لو كانوا مسلمين لسروا بذلك وخلصوا من العذاب ، ولما كانت رب عند الأكثرين لا تدخل على مستقبل تأولوا يود في معنى ودّ ، لما كان المستقبل في إخبار الله لتحقق وقوعه كالماضي ، فكأنه قيل : ود ، وليس ذلك بلازم ، بل قد تدخل على المستقبل لكنه قليل بالنسبة إلى دخولها على الماضي. ومما وردت فيه للمستقبل قول سليم القشيري :
ومعتصم بالجبن من خشية الردى |
|
سيردي وغاز مشفق سيؤب |
وقول هند أم معاوية :
يا رب قائلة غدا |
|
يا لهف أم معاوية |
وقول جحدر :
فإن أهلك فرب فتى سيبكي |
|
عليّ مهذب رخص البنان |
في عدة أبيات. وقول أبي عبد الله الرازي : أنهم اتفقوا على أنّ كلمة رب مختصة بالدخول على الماضي لا يصح ، فعلى هذا لا يكون يودّ محتاجا إلى تأويل. وأما من تأول ذلك على إضمار كان أي : ربما كان يودّ فقوله ضعيف ، وليس هذا من مواضع إضمار كان. ولما كان عند الزمخشري وغيره أنّ رب للتقليل احتاجوا إلى تأويل مجيء رب هنا ، وطول