الزمخشري في تأويل ذلك. ومن قال : إنها للتكثير ، فالتكثير فيها هنا ظاهر ، لأنّ ودادتهم ذلك كثيرة. ومن قال : إنّ التقليل والتكثير إنما يفهم من سياق الكلام لا من موضوع رب ، قال : دل سياق الكلام على الكثرة. وقيل : تدهشهم أهوال ذلك اليوم فيبقون مبهوتين ، فإن كانت منهم إفاقة في بعض الأوقات من سكرتهم تمنوا ، فلذلك قلل. وقرأ عاصم ، ونافع : ربما بتخفيف الباء ، وباقي السبعة بتشديدها. وعن أبي عمر : والوجهان. وقرأ طلحة بن مصرف ، وزيد بن علي ، ربتما بزيادة تاء. ومتى يودون ذلك؟ قيل : في الدنيا. فقال الضحاك : عند معاينة الموت. وقال ابن مسعود : هم كفار قريش ودّوا ذلك في يوم بدر حين رأوا الغلبة للمسلمين. وقيل : حين حل بهم ما حل من تملك المسلمين أرضهم وأموالهم ونساءهم ، ودّوا ذلك قبل أن يحل بهم ما حل. وقيل : ودوا ذلك في الآخرة إذا أخرج عصاة المسلمين من النار قاله : ابن عباس ، وأنس بن مالك ، ومجاهد ، وعطاء ، وأبو العالية ، وإبراهيم ، ورواه أبو موسى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وقرأ الرسول هذه الآية ، وقيل : حين يشفع الرسول ويشفع حتى يقول : من كان من المسلمين فليدخل الجنة ، ورواه مجاهد عن ابن عباس. وقيل : إذا عاينوا القيامة ذكره الزجاج. وقيل : عند كل حالة يعذب فيها الكافر ويسلم المؤمن ، ذكره ابن الأنباري. ثم أمر تعالى نبيه بأن ينذرهم ، وهو أمر وعيد لهم وتهديد أي : ليسوا ممن يرعوي عن ما هو فيه من الكفر والتكذيب ، ولا ممن تنفعه النصيحة والتذكير ، فهم إنما حظهم حظ البهائم من الأكل والتمتع بالحياة الدنيا والأمل في تحصيلها ، هو الذي يلهيهم ويشغلهم عن الإيمان بالله ورسوله. وفي قوله : يأكلوا ويتمتعوا ، إشارة إلى أنّ التلذذ والتنعم وعدم الاستعداد للموت والتأهب له ليس من أخلاق من يطلب النجاة من عذاب الله في الآخرة ، وعن بعض العلماء : التمتع في الدنيا من أخلاق الهالكين. وقال الحسن : ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل. وانجزم يأكلوا ، وما عطف عليه جوابا للأمر. ويظهر أنه أمر بترك قتالهم وتخلية سبيلهم وبمهادنتهم وموادعتهم ، ولذلك ترتب أن يكون جوابا ، لأنه لو شغلهم بالقتال ومصالتة السيوف وإيقاع الحرب ما هنا هم أكل ولا تمتع ، وبدل على ذلك أنّ السورة مكية ، وإذا جعلت ذرهم أمرا بترك نصيحتهم وشغل باله بهم ، فلا يترتب عليه الجواب ، لأنهم يأكلون ويتمتعون سواء ترك نصيحتهم ، أم لم يتركها. فسوف يعلمون : تهديد ووعيد أي : فسوف يعلمون عاقبة أمرهم وما يؤولون إليه في الدنيا من الذل والقتل والسبي ، وفي الآخرة من العذاب السرمدي. ولما توعدهم بما يحل بهم أردف ذلك بما يشعر بهلاكهم ، وأنه