أودي بني وأودعوني حسرة |
|
عند الرقاد وعبرة ما تقلع |
وقول الأعشى يمدح الرسول عليهالسلام :
له نافلات ما يغب نوالها |
|
وليس عطاء اليوم مانعه غدا |
وقال تعالى : (ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) (١) والضمير في نسلكه عائد على الذكر قاله الزمخشري ، قال : والضمير للذكر أي : مثل ذلك السلك. ونحوه : نسلك الذكر في قلوب المجرمين على معنى أنه يلقيه في قلوبهم مكذبا مستهزأ به غير مقبول ، كما لو أنزلت بلئيم حاجة فلم يجبك إليها فقلت : كذلك أنزلها باللئام يعني : مثل هذا الإنزال أنزلها بهم ، مردودة غير مقصية. ومحل قوله : لا يؤمنون النصب على الحال أي : غير مؤمن به ، أو هو بيان لقوله : كذلك نسلكه انتهى. وما ذهب إليه من أنّ الضمير عائد على الذكر ذكره الغرنوي عن الحسن. قال الحسن : معناه نسلك الذكر إلزاما للحجة. وقال ابن عطية : الضمير في نسلكه عائد على الاستهزاء والشرك ونحوه ، وهو قول : الحسن ، وقتادة ، وابن جريج ، وابن زيد. ويكون الضمير في به يعود أيضا على ذلك نفسه ، وتكون باء السبب أي : لا يؤمنون بسبب شركهم واستهزائهم ، ويكون قوله : لا يؤمنون به في موضع الحال ، ويحتمل أن يكون الضمير في نسلكه عائدا على الذكر المحفوظ المتقدم الذكر وهو القرآن أي : مكذبا به مردودا مستهزأ به ، يدخله في قلوب المجرمين. ويكون الضمير في به عائدا عليه ، ويحتمل أن يكون الضمير في نسلكه عائدا على الاستهزاء والشرك ، والضمير في به يعود على القرآن ، فيختلف على هذا عود الضميرين انتهى. وروى ابن جريج عن مجاهد تلك التكذيب ، فعلى هذا تكون الباء في به للسبب. والذي يظهر عوده على الاستهزاء المفهوم من قوله : يستهزؤون ، والباء في به للسبب. والمجرمون هنا كفار قريش ، ومن دعاهم الرسول إلى الإيمان. ولا يؤمنون إن كان إخبارا مستأنفا فهو من العام المراد به الخصوص فيمن ختم عليه ، إذ قد آمن عالم ممن كذب الرسول. وقد خلت سنة الأولين في تكذيبهم رسلهم ، أو في إهلاكهم حين كذبوا رسلهم ، واستهزأوا بهم ، وهو تهديد لمشركي قريش. والضمير في عليهم عائد على المشركين ، وذلك لفرط تكذيبهم وبعدهم عن الإيمان حتى ينكروا ما هو محسوس مشاهد بالأعين مماس بالأجساد بالحركة والانتقال ، وهذا بحسب المبالغة التامة في إنكار الحق.
__________________
(١) سورة يونس : ١٥ / ١٠.