وظهوره على الكفار. وقال الزمخشري : كانوا يستعجلون ما وعدوا من قيام الساعة ، أو نزول العذاب بهم يوم بدر استهزاء وتكذيبا بالوعد انتهى. وهذا الثاني قاله ابن جريج قال : الأمر هنا ما وعد الله نبيه من النصر وظفره بأعدائه ، وانتقامه منهم بالقتل والسبي ونهب الأموال ، والاستيلاء على منازلهم وديارهم. وقال الضحاك : الأمر هنا مصدر أمر ، والمراد به : فرائضه وأحكامه. قيل : وهذا فيه بعد ، لأنه لم ينقل أنّ أحدا من الصحابة استعجل فرائض من قبل أن تفرض عليهم. وقال الحسن وابن جريج أيضا : الأمر عقاب الله لمن أقام على الشرك ، وتكذيب الرسول ، واستعجال العذاب منقول عن كثير من كفار قريش وغيرهم. وقريب من هذا القول قول الزجاج : هو ما وعدهم به من المجازاة على كفرهم. وقيل : الأمر بعض أشراط الساعة. وأتى قيل : باق على معناه من المضي ، والمعنى : أتى أمر الله وعدا فلا تستعجلوه وقوعا. وقيل : أتى أمر الله ، أتت مبادئه وأماراته. وقيل : عبر بالماضي عن المضارع لقرب وقوعه وتحققه ، وفي ذلك وعيد للكفار. وقرأ الجمهور : تستعجلوه بالتاء على الخطاب ، وهو خطاب للمؤمنين أو خطاب للكفار على معنى : قل لهم فلا تستعجلوه. وقال تعالى : (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها) (١) وقرأ ابن جبير : بالياء نهيا للكفار ، والظاهر عود الضمير في فلا تستعجلوه على الأمر لأنه هو المحدث عنه. وقيل : يعود على الله أي : فلا تستعجلوا الله بالعذاب ، أو بإتيان يوم القيامة كقوله : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) (٢) وقرأ حمزة والكسائي : تشركون بتاء الخطاب ، وباقي السبعة والأعرج وأبوه جعفر ، وابن وضاح ، وأبو رجاء ، والحسن. وقرأ عيسى : الأولى بالتاء من فوق ، والثانية بالياء والتاء من فوق معا ؛ الأعمش ، وأبو العالية ، وطلحة ، وأبو عبد الرحمن ، وابن وثاب ، والجحدري ، وما يحتمل أن تكون بمعنى الذي ومصدرية. وأفضل قراءته عما يشركون باستعجالهم ، لأن استعجالهم استهزاء وتكذيب ، وذلك من الشرك. وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : ينزل مخففا ، وباقي السبعة مشددا ، وزيد بن علي والأعمش وأبو بكر : تنزل مشددا مبنيا للمفعول ، الملائكة بالرفع. والجحدري كذلك ، إلا أنه خفف. والحسن ، وأبو العالية ، والأعرج ، والمفضل ، عن عاصم ويعقوب : بفتح التاء مشددا مبنيا للفاعل. وقرأ ابن أبي عبلة : ما ننزل بنون العظمة والتشديد ، وقتادة بالنون والتخفيف. قال ابن عطية : وفيهما شذوذ كثير انتهى. وشذوذهما أنّ ما قبله وما بعده ضمير غيبة ، ووجهه أنه التفات ، والملائكة هنا جبريل وحده قاله الجمهور ، أو الملائكة المشار إليهم بقوله : (وَالنَّازِعاتِ
__________________
(١) سورة الشورى : ٤٢ / ١٨.
(٢) سورة الحج : ٢٢ / ٢٧ ، والعنكبوت : ٢٩ / ٥٣ ـ ٥٤.