غَرْقاً) (١) وقال ابن عباس : الروح الوحي تنزل به الملائكة على الأنبياء ، ونظيره : (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) (٢) وقال الربيع بن أنس : هو القرآن ، ومنه (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) (٣) وقال مجاهد : المراد بالروح أرواح الخلق ، لا ينزل ملك إلا ومعه روح. وقال الحسن وقتادة : الروح الرحمة. وقال الزجاج : ما معناه الروح الهداية لأنها تحيا بها القلوب ، كما تحيا الأبدان بالأرواح. وقيل : الروح جبريل ، ويدل عليه : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) (٤) وتكون الباء للحال أي : ملتبسة بالروح. وقيل : بمعنى مع ، وقيل : الروح حفظة على الملائكة لا تراهم الملائكة ، كما الملائكة حفظة علينا لا تراهم. وقال مجاهد أيضا : الروح اسم ملك ، ومنه : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا) (٥) وعن ابن عباس : أنّ الروح خلق من خلق الله كصور ابن آدم ، لا ينزل من السماء ملك إلا ومعه واحد منهم ، وقال نحوه ابن جريج. قال ابن عطية : وهذا قول ضعيف لم يأت به سند.
وقال الزمخشري : بالروح من أمره ، بما تحيا به القلوب الميتة بالجهل ، من وحيه أو بما يقوم في الدين مقام الروح في الجسد انتهى. ومن للتبعيض ، أو لبيان الجنس. ومن يشاء : هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وأن مصدرية ، وهي التي من شأنها أن تنصب المضارع ، وصلت بالأمر كما وصلت في قولهم : كتبت إليه بأن قم ، وهو بدل من الروح. أو على إسقاط الخافض : بأن أنذروا ، فيجري الخلاف فيه : أهو في موضع نصب؟ أو في موضع خفض؟ وقال الزمخشري : وأن أنذروا بدلا من الروح أي : ننزلهم بأن أنذروا ، وتقديره : أنذروا أي : بأن الشأن أقول لكم أنذروا أنه لا إله إلا أنا انتهى. فجعلها المخفف من الثقيلة ، وأضمر اسمها وهو ضمير الشأن ، وقدر إضمار القول : حتى يكون الخبر جملة خبرية وهي أقول ، ولا حاجة إلى هذا التكلف مع سهولة كونها الشانية التي من شأنها نصب المضارع. وجوّز ابن عطية ، وأبو البقاء ، وصاحب الغنيان : أن تكون مفسرة فلا موضع لها من الإعراب ، وذلك لما في التنزل بالوحي من معنى القول أي : أعلموا الناس من نذرت بكذا إذا أعلمته. قال الزمخشري : والمعنى يقول لهم : أعلموا الناس قولي لا إله إلا أنا فاتقون انتهى. لما جعل أن هي التي حذف منها ضمير الشأن قدر هذا
__________________
(١) سورة النازعات : ٧٩ / ١.
(٢) سورة غافر : ٤٠ / ١٥.
(٣) سورة الشورى : ٤٢ / ٥٢.
(٤) سورة الشعراء : ٢٦ / ١٩٣.
(٥) سورة النبأ : ٧٨ / ٣٨.