فأموات لا يعقب موتها حياة ، وذلك أعرق في موتها. وقيل : والذين تدعون ، هم الملائكة ، وكان ناس من الكفار يعبدونهم. وأموت أي : لا بد لهم من الموت ، وغير أحياء أي : غير باق حياتهم ، وما يشعرون أي : لا علم لهم بوقت بعثهم. وجوزوا في قراءة : والذين يدعون ، بالياء من تحت أن يكون قوله : أو موت ، يراد به الكفار الذين ضميرهم في : يدعون ، شبههم بالأموات غير الأحياء من حيث هم ضلال. غير مهتدين وما بعده عائد عليهم ، والبعث الحشر من قبورهم. وقيل : في هذا التقدير وعيد أي : أيان يبعثون إلى التعذيب. وقيل : الضمير في وما يشعرون ، للأصنام وفي : يبعثون ، لعبدتها. أي : لا تشعر الأصنام متى تبعث عبدتها. وفيه تهكم بالمشركين ، وأنّ آلهتهم لا يعلمون وقت بعث عبدتهم ، فكيف يكون لهم وقت جزاء على عبادتهم. وتلخص من هذه الأقوال أن تكون الإخبار بتلك الجمل كلها عن المدعوين آلهة ، أما الأصنام ، وأما الملائكة ، أو يكون من قوله : أموات إلى آخره ، إخبارا عن الكفار. أو يكون وما يشعرون أيان يبعثون ، فقط إخبارا عن الكفار ، أو يكون وما يشعرون إخبارا عن المدعوين ، ويبعثون : إخبارا عن الداعين العابدين. وقرأ أبو عبد الرحمن إيان بكسر الهمزة ، وهي لغة قومه سليم. والظاهر أنّ قوله : إيان ، معمول ليبعثون ، والجملة في موضع نصب بيشعرون ، لأنه معلق. إذ معناه العلم. والمعنى : أنه نفى عنهم علم ما انفرد بعلمه الحي القيوم ، وهو وقت البعث إذا أريد بالبعث الحشر إلى الآخرة. وقيل : تم الكلام عند قوله : وما يشعرون. وأيان يبعثون ظرف لقوله : إلهكم إله واحد ، أخبر عن يوم القيامة أنّ الإله فيه واحد انتهى. ولا يصح هذا القول لأنّ أيان إذ ذاك تخرج عما استقر فيها من كونها ظرفا ، إما استفهاما ، وإما شرطا. وفي هذا التقدير تكون ظرفا بمعنى وقت مضافا للجملة بعدها ، معمولا لقوله : واحد ، كقولك : يوم يقوم زيد قائم. وفي قوله : أيان يبعثون ، دلالة على أنه لا بد من البعث ، وأنه من لوازم التكليف. ولما ذكر تعالى ما اتصفت به آلهتهم بما ينافي الألوهية ، أخبر تعالى أنّ إله العالم هو واحد لا يتعدد ولا يتجزأ وأن الذين لا يؤمنون بالجزاء بعد وضوح بطلان أن تكون الإلهية لغيره بل له وحده ، هم مستمرون على شركهم ، منكرون وحدانيته ، مستكبرون عن الإقرار بها ، لاعتقادهم الإلهية لأصنامهم وتكبرها في الوجود. ووصفهم بأنهم لا يؤمنون بالآخرة مبالغة في نسبة الكفر إليهم ، إذ عدم التصديق بالجزاء في الآخرة يتضمن التكذيب بالله تعالى وبالبعث ، إذ من آمن بالبعث يستحيل أن يكذب الله عزوجل. وقيل : مستكبرون عن الإيمان برسول الله وأتباعه. وقال العلماء : كل ذنب يمكن التستر به وإخفاؤه إلا التكبر فإنه