لبعض ، واحتمل أن يكون المؤمنون قالوا لهم على سبيل الامتحان. وقيل : قائل ذلك الذين تقاسموا مداخل مكة ينفرون عن الرسول صلىاللهعليهوسلم إذا سألهم وفود الحاج : ماذا أنزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قالوا : أحاديث الأولين.
وقرأ الجمهور : برفع أساطير ، فاحتمل أن يكون التقدير المذكور : أساطير ، أو المنزل أساطير ، جعلوه منزلا على سبيل الاستهزاء ، وإن كانوا لا يؤمنون بذلك. واللام في ليحملوا لام الأمر على معنى الحتم عليهم والصغار الموجب لهم ، أو لام التعليل من غير أن يكون غرضا كقولك : خرجت من البلد مخافة الشر ، وهي التي يعبر عنها بلام العاقبة ، لأنهم لم يقصدوا بقولهم : أساطير الأولين ، أن يحملوا الأوزار. ولما قال ابن عطية : إنه يحتمل أن تكون لام العاقبة قال : ويحتمل أن يكون صريح لام كي على معنى قدر هذا لكذا ، وهي لام التعليل ، لكنه لم يعلقها بقوله. قالوا : بل أضمر فعلا آخر وهو : قدر هذا ، وكاملة حال أي : لا ينقص منها شيء ، ومن للتبعيض. فالمعنى : أنه يحمل من وزر كل من أضل أي : بعض وزر من ضلّ بضلالهم ، وهو وزر الإضلال ، لأنّ المضل والضال شريكان ، هذا يضله ، وهذا يطاوعه على إضلاله ، فيتحاملان الوزر. وقال الأخفش : من زائدة أي : وأوزار الذين يضلونهم ، والمعنى : ومثل (أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) (١) كقوله : «فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» المراد : ومثل وزر ، والمعنى : أن الرئيس إذا وضع سنة قبيحة عظم عقابه حتى أن ذلك العقاب يكون مساويا لعقاب كل من اقتدى به في ذلك. وقال الواحدي : ليست من للتبعيض ، لأنه يستلزم تخفيف الأوزار عن الاتباع ، وذلك غير جائز لقوله عليه الصلاة والسلام : «من غير أن ينقص من أوزارهم شيء» لكنها للجنس أي : ليحملوا من جنس أوزار الاتباع انتهى. ولا تتقدر من التي لبيان الجنس هذا التقدير الذي قدره الواحدي ، وإنما تقدر : الأوزار التي هي أوزار الذين يضلونهم ، فيؤول من حيث المعنى إلى قول الأخفش ، وإن اختلفا في التقدير. وبغير علم قال الزمخشري : حال من المفعول أي : يضلون من لا يعلم أنهم ضلال. وقال غيره : حال من الفاعل وهو أولى ، إذ هو المحدث عنه المسند إليه الإضلال على جهة الفاعلية ، والمعنى : أنهم يقدمون على هذا الإضلال جهلا منهم بما يستحقونه من العذاب الشديد على ذلك الإضلال. ثم أخبر تعالى عن سوء ما يتحملونه للآخرة ، وتقدم الكلام في إعراب مثل ساء ما يزرون. فأتى الله اي : أمره وعذابه والبنيان ، قيل : حقيقة. قال ابن عباس وغيره : الذين من قبلهم نمرود بنى
__________________
(١) سورة النحل : ١٦ / ٢٥.