صرحا ليصعد بزعمه إلى السماء ، وأفرط في علوه وطوله في السماء فرسخين على ما حكى النقاش ، وقاله كعب الأحبار. وقال ابن عباس ووهب : طوله في السماء خمسة آلاف ذراع ، وعرضه ثلاثة آلاف ذراع ، فبعث الله تعالى عليه ريحا فهدمته ، وخر سقفه عليه وعلى اتباعه. وقيل : هدمه جبريل بجناحه ، وألقى أعلاه في البحر ، والحقف من أسفله. وقال ابن الكلبي : المراد المقتسمون المذكورون في سورة الحجر. وقيل : الذين من قبلهم بخت نصر وأصحابه. وقال الضحاك : قريات قوم لوط ، وقالت فرقة : المراد بالذين من قبلهم من كفر من الأمم المتقدمة ومكر ، ونزلت به عقوبة من الله ، ويكون فأتى الله بنيانهم إلى آخره تمثيلا والمعنى : أنهم سوّوا منصوبات ليمكروا بها الله ورسوله ، فجعل الله هلاكهم في تلك المنصوبات كحال قوم بنوا بنيانا وعمدوه بالأساطين ، فأتى البنيان من الأساطين بأن تضعضعت ، فسقط عليهم السقف وهلكوا ونحوه : من حفر لأخيه جبا وقع فيه منكبا. ومن القواعد لابتداء الغاية أي : أتاهم أمر الله من جهة القواعد. وقالت فرقة : المراد بقوله : فخرّ عليهم السقف من فوقهم. جاءهم العذاب من قبل السماء التي هي فوقهم ، وقاله ابن عباس. وقيل : المعنى أحبط الله أعمالهم فكانوا بمنزلة من سقط بنيانه. قال ابن عطية : وهذا ينجر إلى اللغز. ومعنى قوله : من فوقهم ، رفع الاحتمال في قوله : فخرّ عليهم السقف ، فإنك تقول : انهدم على فلان بناؤه وليس تحته ، كما تقول : انفسد عليه ، وقوله : من فوقه ، ألزم أنهم كانوا تحته انتهى. وهذا الذي قاله ابن الأعرابي قال : يعلمك أنهم كانوا جالسين تحته ، والعرب تقول : خر علينا سقف ، ووقع علينا سقف ، ووقع علينا حائط إذا كان يملكه. وإن لم يكن وقع عليه فجاء بقوله من فوقهم ليخرج هذا الذي في كلام العرب فقال : من فوقهم ، أي : عليهم وقع ، وكانوا تحته فهلكوا ، فأتاهم العذاب. قال ابن عباس : يعني البعوضة التي أهلك بها نمروذ ، وقيل : من حيث لا يشعرون ، من حيث ظنوا أنهم في أمان. وقرأ الجمهور : بنيانهم ، وقرأت فرقة بنيتهم. وقرأ جعفر : بيتهم ، والضحاك : بيوتهم.
وقرأ الجمهور : السقف مفردا ، والأعرج السقف بضمتين وزيد بن علي ومجاهد ، بضم السين فقط. وتقدم توجيه مثل هاتين القراءتين في وبالنجم. وقرأت فرقة : السقف بفتح السين وضم القاف ، وهي لغة في السقف ، ولعل السقف مخفف منعه ، ولكنه كثر استعماله كما قالوا في رجل رجل وهي لغة تميمية. ولما ذكر تعالى ما حل بهم في دار الدنيا ، ذكر ما يحل بهم في الآخرة. ويخزيهم : يعم جميع المكاره التي تحل بهم ،