إذا كان موصولا ، وضمن معنى الشرط ، لأنه لا يجوز دخولها في مثل هذا الفعل مع صريح الشرط ، فلا يجوز فيما ضمن معناه. وقرأ حمزة ، والأعمش : يتوفاهم بالياء من أسفل في الموضعين. وقرىء : بإدغام تاء المضارعة في التاء بعدها ، وفي مصحف عبد الله بتاء واحدة في الموضعين. والسلم هنا الاستسلام. قاله الأخفش ، أو الخضوع قاله مقاتل. أي ، انقادوا حين عاينوا الموت قد نزل بهم. وقيل : في القيامة انقادوا وأجابوا بما كانوا على خلافه في الدنيا من الشقاق والكبر. والظاهر عطف فألقوا على تتوفاهم ، وأجاز أبو البقاء أن يكون معطوفا على قوله : الذين ، وأن يكون مستأنفا.
وقيل : تم الكلام عند قوله : ظالمي أنفسهم ، ثم عاد الكلام إلى حكاية كلام المشركين يوم القيامة ، فعلى هذا يكون قوله : قال الذين إلى قوله فألقوا ، جملة اعتراضية بين الإخبار بأحوال الكفار ما كنا نعمل من سوء هو على إضمار القول أي : ونعتهم بحمل السوء ، إما أن يكون صريخ كذب كما قالوا : والله ربنا ما كنا مشركين ، فقال تعالى : انظر كيف كذبوا على أنفسهم. وإما أن يكون المعنى : عند أنفسنا أي لو كان الكفر عند أنفسنا سواء ما علمناه. ويرجح الوجه الأول الرد عليهم ببلى ، إذ لو كان ذلك على حسب اعتقادهم لما كان الجواب بلى ، على أنه يصح على الوجه الثاني أن يرد عليهم ببلى ، والمعنى : أنكم كذبتم في اعتقادكم أنه ليس بسوء ، بل كنتم تعتقدون أنه سوء لأنكم تبينتم الحق وعرفتموه وكفرتم لقوله : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) (١) وقوله : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) (٢) والظاهر أنّ هذا السياق كله هو مع أهل العلم والكفار ، وإن أهل العلم هم الذين ردوا عليهم إخبارهم بنفي عمل السوء. ويجوز أن يكون الرد من الملائكة وهم الآمروهم بالدخول في النار ، يسوقونهم إليها. وقيل : الخزنة ، والظاهر الأبواب حقيقة. وقيل : المراد الدركات. وقيل : الأصناف كما يقال : فلان ينظر في باب من العلم أي صنف. وأبعد من قال : المراد بذلك عذاب القبر مستدلا بما جاء «القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار» ولما أكذبوهم من دعواهم أخبروا أنه هو العالم بأعمالهم ، فهو المجازى عليها ، ثم أمروهم بالدخول ، واللام في فلبئس لام تأكيد ، ولا تدخل على الماضي المنصرف ، ودخلت على الجامد لبعده عن الأفعال وقربه من الأسماء.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٨٩.
(٢) سورة النحل : ١٦ / ١٤.