بالرجوع إلى الله تعالى ، وقيل : زاكية أفعالهم وأقوالهم ، وقيل : صالحين ، وقال الزمخشري : طاهرين من ظلم أنفسهم بالكفر والمعاصي ، لأنه في مقابلة ظالمي أنفسهم. ويقولون نصب على الحال من الملائكة ، وتسليم الملائكة عليهم بشارة من الله تعالى ، وفي هذا المعنى أحاديث صحاح. وقوله : هدى للمتقين ، هو وقت قبض أرواحهم ، قاله : ابن مسعود ، ومحمد بن كعب ، ومجاهد. والأكثرون جعلوا التبشير بالجنة دخولا مجازا. وقال مقاتل والحسن : عند دخول الجنة وهو قول خزنة الجنة لهم في الآخرة : سلام عليكم بما صبرتم ، فنعم عقبى الدار. فعلى هذا القول يكون يقولون حالا مقدرة ، ولا يكون القول وقت التوفي. وعلى هذا يحتمل أن يكون الذين مبتدأ ، والخبر يقولون ، والمعنى : يقولون لهم سلام عليكم. ويدل لهذا القول قولهم : ادخلوا الجنة ، ووقت الموت لا يقال لهم ادخلوا الجنة ، فالتوفي هنا توفي الملائكة لهم وقت الحشر. وقوله : بما كنتم تعملون ظاهره في دخول الجنة بالعمل الصالح.
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ * فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ * وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) : مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما ذكر طعن الكفار في القرآن بقولهم : أساطير الأولين ، ثم أتبع ذلك بوعيدهم وتهديدهم ، ثم توعد من وصف القرآن بالخيرية بين أن أولئك الكفرة لا يرتدعون عن حالهم إلا أن تأتيهم الملائكة بالتهديد ، أو امر الله بعذاب الاستئصال. وقرأ حمزة والكسائي : يأتيهم بالياء ، وهي قراءة ابن وثاب ، وطلحة ، والأعمش ، وباقي السبعة بالتاء على تأنيث الجمع ، وإتيان الملائكة لقبض الأرواح ، وهم ظالمو أنفسهم ، وأمر ربك العذاب المستأصل أو القيامة. والكاف في موضع نصب أي : مثل فعلهم في انتظار الملائكة أوامر الله فعل الكفار الذين يقدمونهم. وقيل : مثل فعلهم في الكفر والديمومة عليه فعل متقدموهم من الكفار. وقيل : فعل هنا كناية عن اغترارهم ، كأنه قيل : مثل اغترارهم باستبطاء العذاب اغتر الذين من قبلهم ، والظاهر القول الأول لدلالة : هل ينظرون عليه ، وما ظلمهم بالله بإهلاكهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون بكفرهم وتكذيبهم الذي أوجب لهم العذاب في الدنيا والآخرة. وقوله : فأصابهم ، معطوف على فعل ، وما ظلمهم اعتراض. وسيئات : عقوبات كفرهم. وحاق بهم أحاط بهم جزاء استهزائهم. وقال